لبنان: مفاوضات الترسيم البحري تُستأنف من جديد؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر
انقضى العام 2020 من دون تحقيق أيّ تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود، بعد أقل من ثلاثة أشهر على انطلاقها بوساطة أميركية ورعاية أممية، لا بل عُّلقت جولات التفاوض في 30 تشرين الثاني، عشيّة الجولة الخامسة من المفاوضات، بحيث تمّ الإعلان عن تأجيل الجولة من دون تحديد موعد آخر. قبل تعليق التفاوض كان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس قد وجّه اتهامًا للبنان بأنّه “غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات”، محذراً من احتمال أن تصل المحادثات إلى “طريق مسدود”. وبالفعل هذا ما أعلنه وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو قبل أيام من انقضاء العام، قائلًا إن “مواقف الطرفين الإسرائيلى واللبنانى بشأن ترسيم الحدود متباعدة”، معلنا الإستعداد للتوسط بين الفريقين.
تعليق التفاوض من جانب إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأميركية مردّه على الأرجح إلى خيبة أمل الوفد الإسرائيلي، بحيث تفاجأت إسرائيل بأداء الوفد اللبناني وإسقاطه للأخطاء التي ارتكبها لبنان سابقًا مع قبرص، متجاوزًا مساحة الـ 862 كلم2 ومتمسّكًا بحقوقه كاملة في المساحة البالغة 2290 كلم2، أي بزيادة 1430 كيلومترًا مربّعًا إضافية عن الـ860 كيلومترًا مربعًا، مستندًا إلى خرائط قدّمها خلال جولات التفاوض في الناقورة. المقاربة التي قدّمها الوفد اللبناني مستندًا إلى أحكام القانون الدولي وصفتها الحكومة الإسرائيلية بـ”الاستفزازية”، ملوّحة بتقديم خط جديد للترسيم يتجاوز كل الخطوط السابقة التي طرحت في السابق.
الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب لفت في حديث لـ لبنان 24” إلى أنّ إطلاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل حصل بتوقيت أميركي “بسبب حاجة كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا للغاز المكتشف على سواحل البحر المتوسط، كي لا تُرهن أوروبا للغاز الروسي، وتجميد التفاوض كذلك يعود إلى الرزنامة الأميركية خلال فترة إنتقال السلطة في البيت الأبيض، وبالتالي إعادة إطلاق جولات التفاوض في الناقورة مرتبط بحسابات الإدارة الأميركية الجديدة، وباعتقادي سيعاودون إستئناف الجولات لحاجتهم إلى غاز شرق المتوسط، وأبرز دليل على ذلك انضمام دولة الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط برئاسة مصر كمراقب بجانب الدول الأعضاء المؤسّسين، وذلك بعد التطبيع مع إسرائيل، وقد تصبح الإمارات مموّلة لهذا الخط، ليأتي من الإمارات عبر هذه الدول ويصل أوروبا”.
ويرى ملاعب أنّه من مصلحة لبنان أن يستثمر الوقت ويصوّب سياساته مع الدول العربية ويعود إلى الحضن العربي، ليعلب دوره السابق في هذا السياق “خصوصًا أنّ المنشآت “تابلاين” ومنشآت الشمال لا زالت موجودة، ولذلك من الممكن أن يعود لبنان مصبّا للنفط والغاز العربي في البر كما كان في السابق، لاسيّما وأنّ كلفة نقله في البر أدنى بكثير من تسييله ونقله عبر البحار إلى أوروبا. وفي هذه الحال يتمكّن لبنان من إنجاز عقوده مع أوروبا بدلًا من إسرائيل، وهنا أخشى ما أخشاه أن تلزمنا أوروبا بأن يكون نفطها عبر الخط المنوي انشاؤه من إسرائيل التي سبقتنا في التنقيب والإنتاج وفي العقود”.
بالخلاصة لم يتوقع أحد أن تكون المفاوضات مع العدو الإسرائيلي سهلة، خصوصا وأنّ تاريخه حافل بتجاوز المواثيق والقوانين الدولية، بالمقابل لا يمكن إغفال حاجة إسرائيل إلى الترسيم البحري، خصوصًا أنّ أنابيبها بمرمى الصواريخ، ولكن الأهم جلوس لبنان على طاولة التفاوض محصّنًا بموقف واحد جامع، وبمؤسّسات دستورية متماسكة، من هنا الحاجة إلى تأليف حكومة تواكب الوفد اللبناني في جولاته، وتنقذ لبنان من الإنهيار المالي، لأنّ التفاوض في ظل الأزمة المالية والإقتصادية يظهر لبنان بموقف الضعيف.