حجْر التأليف… طويل!!* هتاف دهام
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
كل مستجدات وأحداث الأسبوعين الماضيين تؤكد انعدام افق التفاهم القريب حول تأليف حكومة في المدى المتوسط. فالحقيقة الراهنة حول تعثر الوساطات بين “بيت الوسط” و”ميرنا الشالوحي” لا تقبل الجدل. فالقوى السياسية المعنية في قلب الوقت الضائع، لا أحد منها يتقدم خطوة الى الامام تجاه الآخر لرأب الصدع، إنما الأمور تسير باتجاه معاكس فلا نية حسنة بالتوافق والتقارب، هذا فضلا عن تراجع التدخل الخارجي للحل. فالمبادرة الفرنسية أصبحت تحتاج بدورها الى غطاء دولي لتبصر النور في لبنان، ما يعني أن التأليف دخل في مرحلة الحجْر الطويل.
سواء تعمّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسريب اتهامه للرئيس المكلف سعد الحريري بالكذب أم لا، فالثابت أن الرئيس الحريري بات يفهم اللعبة العونية جيداً ويفك شيفراتها جيداً، اكتفى بالرد من خلال الكتاب المقدس، وقرر أن يتصدى للعاصفة البرتقالية والبراميل الساخنة بكل ما أوتي من قوة، فتوجه إلى أبو ظبي، اقتناعاً منه أنه ادى قسطه للعلى بعدما قدم تشكيلة حكومية من اختصاصيين الى رئيس الجمهورية وينتظر رده و توقيعه عليها.
وفق مصادر مطلعة لـ”لبنان24″ أن العهد بشخص الرئيس عون أخطأ عندما تمسك بمصالح تياره على حساب المصلحة الوطنية خلال مفاوضات ومشاورات التأليف، فلم يعد يخفى على احد ان المطالبة بالثلث الضامن مردها القلق من مصير الاستحقاقات المرتقبة في العام 2022. فحسابات رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل محصورة فقط بالتوجس من احتمال حصول فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس عون فتصبح حكومة الحريري هي الحاكمة.
في الموازاة ثمة من يقول ان الحريري اخطأ عندما تعاطى باستعلاء مع الوزير باسيل برفضه التفاهم معه رغم انه يمثل اكبر تكتل نيابي مسيحي، ولم يستجب لكل الوساطات وقررحصر لقاءاته بالرئيس عون كونه يمثل “التيار الوطني الحر”، بيد ثمة مقاربة أخرى لمسار الامور تشير إلى أن الحريري أبدى حسنا عندما لم يستجب لشروط باسيل، وهو اليوم يتعاطى وفق منطق اصلب وأكثر توازناً خاصة وأن العهد سيكون الخاسر الأول من تأخير التأليف والانهيار الاقتصادي.
وعلى هذا الأساس تشدد أوساط بارزة لـ”لبنان24” على أن التيار الوطني الحر لن يتراجع عن شروطه وسيبقى متعنتا ومتمسكا بما يسميها المعايير الموحدة والثلث الضامن حتى لو استدعى الأمر أن تبقى البلاد من دون حكومة جديدة وفي ظل حكومة تصريف أعمال. أما من زاوية الرئيس الحريري فهو ليس مضطراً للاعتذار لأنه يظن أن موقفه قوي ولا بديل عنه، وحتى في حالة الاعتذار، ستعود المشاورات النيابية الملزمة لتسميته من جديد، مهما حاول الرئيس عون وباسيل تزكية أسماء وشخصيات سنية أخرى، علما أن الأوساط نفسها لا تتوقع أن يشكل الحريري حكومة في عهد الرئيس عون اذا استمرت الرئاسة الأولى في نهجها الحاد تجاهه، خاصة وأن الجميع يدرك أن الحريري لو انصاع لمطالب رئيس تكتل “لبنان القوي”، لكان مؤهلاً ليصبح رئيس حكومة الانقاذ ويؤتمن على برنامج الإصلاح، وهنا تكمن المعضلة.
اذاً البلد في مضيعة للوقت بلا معنى وبلا طائل وبلا أفق. ودعوة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله المعنيين الى تأليف حكومة قبل العشرين من الجاري باتت خارج السياق؛ الكل يعمل وفق روزنامته الشخصية الآنية، وربما تتظهر إلى الواجهة في القريب جبهة سياسية في وجه “التيارالوطني الحر” قوامها: الحريري والرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط، لكن المشكلة لا تقتصر عند هذا الحد، فإذا صح ما ينقل من أجواء الصالونات السياسية، من رغبة الرئاسة الأولى في تعويم حكومة تصريف الاعمال، فهذا يعني أن لا انتخابات نيابية مقبلة، وأن المجلس النيابي الحالي هو من سينتخب الرئيس المقبل للجمهورية.