بناء الشراكات أساس نجاح الحكومات* صالح الراشد
النشرة الدولية –
تحتاج الحكومة الأردنية برئاسة الدكتور بشر الخصاونة إلى إتباع نهج الشراكة مع مؤسسات الوطن، وأن لا تتعامل مع الجميع على أنهم أتباع يجب أن يُطبقوا التعليمات دون أن ينبسوا ببنت شفه، ونالت الحكومة مكافأة عظيمة من مجلس النواب المُركب على طريقة “الليجو” بالحصول على ثقة المجلس بغالبية الأعضاء، لنجد أن الخُطب العصماء والكلمات النارية التي خرجت من أفواه النواب في الهجوم على البيان الوزراي ما كانت إلا لذر الرماد في العيون، ولمنح صكوك الغفران للحكومات السابقة وشهادة ميلاد للحكومة الجديدة التي ترتجف في إتخاذ القرارات، وهي خطيئة اعتدنا عليها من حكومات عديدة سابقة.
حكومة الدكتور الخصاونة تحملت وزر الحكومة السابقة التي فقدت للرشاد في التعامل مع نقابة المعلمين، ليصدر القرار القضائي بحل نقابة المعلمين والحكم على أعضاء المجلس بالسجن، فيما حير الخصاونة المتابعين بسبب تقلب مواقفة، ففي بيانه الوزراي طالب بتشديد الرقابة وفرض الحصار على الإعلاميين ثم عاد واعترف بشراكة الإعلام، لكن بقيت قضية الانتخابات النيابية تطارد الرئيس كونها أفرزت مجلس “كرتوني” لن يقوى على مواجهة الحكومة ومنعها من التغول على السلطة التشريعية، وحمّلت الحكومة في بيانها الشعب والوطن مديونية تعتبر الأعلى مما سيزيد من حجم الدين العام الذي يفوق الناتج القومي، وفتحت عهدها وعلاقتها بثقة كبيرة مع مجلس المصالح النيابية ليشعر الشعب أنه في واد والمجلس والحكومة في واد آخر، ليدرك الشعب أنه بلا سند ولا ظهر وأن ملجأه الوحيد هو الله .
ان الدول تبني ذاتها وتتطور وتنهض بوجود ثلاث سلطات، ولا يصلح الأمر اذا لم تقم كل منها بدورها على أكمل وجه وبحرية مطلقة ومنفصلة عن الآخرين، لذا يجب أن لا تتغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية ولا على السلطة الرابعة صاحبة الجلالة، كما يجب أن يكون القضاء منفصلاً مستقلاً عن جميع السلطات وسيد نفسه وصاحب القرار الفصل حتى يبقى الحائط الصلب الذي يستند إليه فقراء ومساكين الوطن، ويحتمون به من بطش المتغولين على حقوق الشعب ومن طيش الحكومات حين يهرب منها عقال الفكر، وتبدأ تتخبط بسبب عدم قدرتها على القيام بالواجبات الموكولة اليها بأمانة وإخلاص.
لقد فشلت سياسة القطب الأوحد عالمياً، وجعلت العديد من دول العالم تتجرأ على تحدي القطب بعد أن شعرب بأنها مستبعدة من أي حسابات وأنها مجرد رقم هامشي، ليدرك الجميع بأن التعامل بتشاركية سيحمي الكوكب، مما فتح الطريق لتشاركية أقل حجماً لإنقاذ الأوطان، وهذا يعني أن على الحكومة أن تعتمد على خلق شراكات حقيقية مع مجلس النواب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ومع الإعلام بصورة أكبر إذا ما أرادت النجاح في عملها وإنقاذ الوطن، وعدا ذلك سيتسمر مسلسل المعاناة وتعذيب الشعب الصابر بالمزيد من القرارات الفوضوية التي تعكر صفو الحياة وتزيد من أوجاع الشعب.