ميقاتي لا يأتمر بأوامر أو بطلبات حزب الله
بقلم: جويل بو يونس

النشرة الدولية –

الديار –

مستعيرا من التيار الوطني الحر شعاره الانتخابي «مكملين وما في شي بيوقفنا «، هكذا يسير رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هذه الايام. فعلى الرغم من المعارضة المسيحية الواسعة، بدءا من بكركي وصولا الى «التيار الوطني الحر» فـ «القوات اللبنانية»، ها هو يمضي بقراره لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء. فوجه امس الدعوة لجلسة حكومية تعقد صباح الاربعاء في السراي بجدول اعمال غير محصور ببند وحيد هو الكهرباء، كما كان طلب حزب الله، انما شمل 7 بنود متفرقة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر بنود غير ملحة وغير طارئة، كمشروع مرسوم لابرام اتفاقية قرض بين لبنان والبنك الدولي لتنفيذ مشروع تعزيز استجابة لبنان لجائحة كورونا، وتمديد عقد صيانة وحراسة مطمر الناعمة.

الاكيد ان نصاب الجلسة مؤمّن، بعدما ضمن ميقاتي مشاركة حزب الله، ولو أن وزيريه سينسحبان كما وزيرا «أمل»، بحسب المعلومات، عند طرح بند آخر يتخطى بند الكهرباء، وهذا امر يبدو انه متفق عليه مسبقا، ومنسق بين الثلاثي حزب الله بري وميقاتي.

فما اقدام ميقاتي على توزيع جدول اعمال ببنود 7، الا محاولة ولو شكلية، لاظهار أنه لا يأتمر بأوامر او بطلبات حزب الله، وان احدا لا يملي عليه مضمون جدول الاعمال. علما ان المعلومات تؤكد بان كل مجريات الجلسة منسقة مسبقا «وخالصة مخلصة».

وفيما غاب وزير السياحة عن السمع، وعلم انه لا يزال يدرس خياراته لناحية المشاركة من عدمها، فالسيناريو المتفق عليه مبدئيا، يشير الى أن جلسة يوم الاربعاء ستنعقد، وستستهل ببند الكهرباء وعندها يفترض ان يتوقف النقاش بالبنود الاخرى، اذ سينسحب وزراء الثنائي. اما آلية تمرير سلفة الـ 62 مليون دولار ومشكلة التواقيع، لاسيما ان وزير الطاقة كان تقدم بحل اعتبره شاملا وغير مجزأ، يطلب فيه المبالغ المطلوبة لخطة الطوارئ دفعة واحدة، وقد جهّز مراسيم حملت تواقيع 7 وزراء، هم: وزير العدل والخارجية والدفاع والمهجرين والشؤون الاجتماعية والسياحة، اضافة الى الوزير المعني اي وليد فياض، فيما غاب توقيع وزير الاقتصاد، الذي كان اجتمع بميقاتي واكد له حضوره، فنال ولو شكليا «جائزة» ادراج طلب وزارة الاقتصاد تأمين اعتماد اضافي بقيمة 8 مليون دولار لدعم شراء القمح ضمن البند السادس على جدول الاعمال.

ويبدو ان هذه الآلية ايضا مدروسة، اذ ترجح مصادر حكومية متابعة ان يتم تمرير هذا الامر على غرار ما حصل بالجلسة السابقة، وتشير المصادر الى ان ما ارسله فياض وتم الحاقه بجدول الاعمال، والذي سيعطي الوزراء رأيهم به يصعب تمريره، لان هناك ملاحظات لكهرباء لبنان، وفي ظل غياب المؤسسة المعنية، اي كهرباء لبنان، التي يفترض بها ان تناقش الامور، وكذلك الوزير المعني اي وزير الطاقة، فلا يمكن ان تمر.

وبالعودة الى آلية تمرير بند سلفة الـ 62 مليون دولار، تكشف المصادر ان ما سيتم اللجوء اليه هو توقيع ميقاتي كما حصل سابقا، يضاف اليه توقيع وزير المال، على ان يتم اعتبار توقيع وليد فياض «حاصل»، لانه سبق ان وقع على المكتوب الذي سبق وارسله لميقاتي والامانة العامة لمجلس الوزراء.

وعليه، واضح ان التباينات لا تزال على حالها، فلا ميقاتي سيسير بالمرسوم الجوال، ولا فياض او كهرباء لبنان ستحضر لتوضيح الالتباسات، وسيمر البند بالآلية نفسها التي اعتمدت سابقا. هذا كهربائيا، لكن ما سيزيد «الطين السياسي بلة»، هو مشاركة حزب الله ولو أن مشاركته مشروطة ببند وحيد هو الكهرباء، فهل تكسر جلسة يوم الاربعاء الكهربائية آخر شعرة جامعة لتفاهم مار مخايل؟

مصادر مطلعة على جو حزب الله تجدد حرصها على عدم كسر الجرة مع التيار، وتؤكد انه لا بد من تفهّم موقف الحزب المحرج بين تحميله مسؤولية العتمة، وتأمين ضرورات الناس وعلاقته مع التيار، وتشير المصادر الى ان حزب الله حاول مرارا مع ميقاتي ايجاد صيغة حل وسط الا انه فشل، فاتخذ قرارا لتسيير شؤون الناس، «والحزب نازل عالجلسة ببند وحيد»، تقول المصادر، ويفترض بعدها ان يوقف ميقاتي البحث ببقية البنود.

وردا على سؤال حول التواصل بين الحزب والتيار، فتشير المصادر الى ان الرسائل الهاتفية غير مقطوعة، لكن اي لقاء لم يحصل بعد، والصورة تتوضح بعد جلسة يوم الاربعاء، لتختم بالقول: التواصل سيحصل عاجلا او آجلا مع التيار الوطني الحر.

اما على خط التيار، فيبدو ان الاخير غير متفهم لموقف الحليف، اذ تقول مصار نيابية في التيار بأن حزب الله يحاول أن يكسرها ويجبرها في آن، لكن الاكيد انه كان بامكانه اقناع حلفائه وميقاتي بالسير بالمراسيم الجوالة، ولا احد يمكنه ان يقتنع بان موقفه معيشي لا سياسي، فهناك مئات الموافقات الاستثنائية التي ورثتها الحكومة التي اعقبت حكومة تمام سلام. وتضيف مصادر التيار انه عندما يقر ميقاتي بالموافقة الاستثنائية، فهذا يعني انه يدرك تماما ان لا شرعية لجلسة حكومية بظل تصريف الاعمال .

وتتابع مصادر التيار: واضح ان ميقاتي الذي يختبئ بعباءة الاعتدال والوسطية، يعمل بفكر إلغائي تطرّفي رافض للشراكة ولا يعترف بالآخر.

بين التيار وحزب الله، تعلق اوساط مطلعة على جو ميقاتي بالقول: لا احد يستطيع ان يفرض عليه ما سيتضمنه جدول الاعمال، وهذا الامر بدا واضحا من جدول جلسة يوم الاربعاء الغير محصور ببند الكهرباء وفي كل الاحوال فالوزراء يقررون. وهنا تشير المعلومات الى انه حين تمّ ارسال الجدول، لم يبد اي وزير ملاحظات معينة برفض بند من البنود المطروحة.

وبانتظار ما قد تسفر عنه جلسة يوم الاربعاء، فالاكيد ان ما بعد الجلسة الكهربائية لن يكون ما قبلها على كل المستويات، لاسيما لجهة العلاقة بين حزب الله والتيار، والآخذة الى تباعد متزايد من شأنه أن يرخي بظلاله في الاسابيع القليلة المقبلة على الاستحقاق الرئاسي!

وبكل الاحوال، فالترقب سيكون لكلمة امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله مساء اليوم، والتي قد يسبقها كلمة لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بعد الاجتماع الاسبوعي لتكتل لبنان القوي.

زر الذهاب إلى الأعلى