انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي* فايز الفايز

النشرة الدولية –

في الوقت الذي غادر الملك عبدالله الثاني إلى ابو ظبي، كان وزيرا الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأردني أيمن الصفدي منخرطين في مؤتمر صحفي على هامش اجتماعهما، وصدر عنه العديد من الرسائل والأماني والتوقعات بمستقبل مستجد للعلاقات الأردنية السعودية من جانب وبمستقبل البيت الخليجي إذ قرر خادم الحرمين الشريفين إعلان طي صفحة الخلافات مع قطر خدمة للكينونة الخليجية، وإذ تعتبر زيارة الصفدي بعد قمة العلا، مفتاحاً عاماً جديداً مبنياً على إعلان التزام الأردن بحلفه العربي، فإن السعودية فتحت ذراعيها مجدداً للمزيد من الشراكة مع الجارة التاريخية.

الأردن رسمياً لم يكن لديه أي مشكلة مع الشقيقة السعودية على المستوى العام، والتاريخ لا زال شاهداً على عمق العلاقة وخصوصيتها بين البلدين، حيث التقى الملك عبدالله بن الحسين مع الملك عبدالعزيز بن سعود ورسما درباً للأخوة والمستقبل المبني على التعاون والتكافل ورمي إرث الماضي خلف ظهورهم، واستمر ذلك مع جميع ملوك السعودية منذ الملك سعود الذي زار الأردن عام1953، بعد أن زارها سابقاً عام 1935، مروراً بالملك فيصل وخالد وفهد وعبدالله حتى الملك سلمان عام 2017، وجميعهم سجلوا بصمات الإيثار على الدولة الأردنية في أوقات العسر والشدة.

اليوم يقف الأردن على هضبة خضراء واضحة، فقد أدار شبكة علاقاته مع الأشقاء في الخليج على مسافة واحدة، ولم ينخرط بالتهافت الذي صنفه البعض بالاستغلال الرخيص لجلب المنافع، إذ حافظ الأردن على علاقاته مع الجميع لإيمان القيادة بأن أي خلاف في الشرق العربي ستتكفل به الأيام التي تنجلي فيها الحقائق وتتصافى النفوس عندما يدرك الجميع أن هناك مستفيداً ما من أي خلاف بين الأشقاء، وهذا ما حصل بالفعل إذ استدار الجميع نحو الأحضان، مدركين أن أمن الخليج العربي لا يتجزأ، وأن مصالح بلادهم لا تعترضها تصريحات من هنا وأخبار من هناك، وبقي الأردن المتصالح مع الجميع دائماً مرتاح الضمير خصوصاً مع السعودية.

في المؤتمر الصحفي أمس سأل أحد المراسلين سؤالاً للوزيرين يتعلق بإعادة فكرة انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، ورغم أن الفكرة قد تم قبولها سابقاً، إضافة للمغرب، فإن الوقت لم يكن لصالح الأردن لأسباب تعلقت آنذاك بوجهات نظر أطراف أخرى غير السعودية، واليوم لا يزال في الوقت متسع للتقارب وجبّ أزمات الماضي لصالح الشعوب على الأقل، وهذا ما رأيناه من فرح الأشقاء السعوديين لحظة إعلان فتح الحدود مع قطر التي سيعاد فتح سفارتها وعودة السفيرين قريباً، وهذا ما يترك الباب مفتوحاً لانضمام الأردن للهيكل الخليجي تنموياً واقتصادياً على الأقل.

الأردن اليوم بحاجة إلى جميع الخطوط المفتوحة مع دول الجوار، فهو طريق وصل لا طريق فصل، والاقتصاد الأردني بحاجة إلى إنعاش سريع لدعم السنة المالية القادمة بأسوأ حالاتها، وهذا يتطلب شراكات سريعة وديناميكية وتحطيم لكافة الحواجز النفسية والبيروقراطية، فالسعودية مثلاً لديها أكبر صندوق استثماري في الأردن وأعلنت عن مشاريع كبرى، وحجم التجارة بين البلدين حققت نمواً كبيراً، والتنسيق المشترك لم ينقطع.

الأردن يمتلك الكثير من المقومات التي يستطيع خدمة نفسه ويتشاركها مع الأشقاء ليساعدوه، وعليه أن يسرع في الانضمام لأي هيكلية سياسية أو اقتصادية تعود بالنفع العام علينا، فدول العالم باتت منضوية تحت تحالفات لإعادة انتاجها مجدداً، بينما بات الجميع يخضع لمنعطفات سياسية ومستقبلية غير مسبوقة قد تهدد الاستقرار المنشود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button