“أبو عمار”.. كلمة حق!!* صالح القلاب
النشرة الدولية –
ربما.. لا بل المؤكد أنّ أيّ قضية في العالم وعلى مدى مراحل التاريخ البعيد والقريب لا تشبه القضية الفلسطينية في تعقيدها ولا في ما مرّ عليها من تآمرٍ ومؤامرات ومتآمرين وأيضاً من “مزايدين”، والمشكلة ليست مع الحركة الصهيونية ولا مع الذين كانوا قد إستعمروها كما إستعمروا أجزاءً من الوطن العربي ومن المحيط إلى الخليج، وسلمّوها تسليم اليد لهؤلاء الأعداء الذين مرّ على إحتلالهم لها كل هذه السنوات الطويلة، وإنما مع بعض الذين إدّعوا مسؤوليتهم عنها على إعتبار أنهم أهلها والذين إعتبروها قضية قومية وبالكلام فقط وإلى حدِّ أنّ أبواب ومعابر بلدانهم كانت وبعضها لا يزال موصدةً أمام الفلسطينيين وعلى أساس:
أحرامٌ على بلابله الدوح وحلالٌ للطير من كل جنس!!
وربما أنّ هذه مسألةٌ يمكن فهمها وعلى أساس أنّ هناك من يتذرع بأنّ “التوطين” أكبر مؤامرة على فلسطين والقضية الفلسطينية، وحقيقةً وبغضِّ النظر عن كل شيء فإنّ هذا صحيحٌ كل الصحة على إعتبار أنّ الحركة الصهيونية حركة إستيطانية وأنّ أيّ قدمٍ تغادر فلسطين تحلُّ محلّها آلاف أقدام الصهاينة المستوطنين.. والمثل على هذا ليس ما جرى في عام 1948 وأيضاً ولا ما جرى في عام 1967 وإنما كلُّ هذا “الإستنزاف” اللاحق الذي تقع مسؤوليته على العرب كلهم ولا على الذين قد أجبرهم توفير “لقمة” العيش لأبنائهم ولهم.
وهنا فإنه لا بدَّ من إيضاح أنّ المقصود ليس هو هذه المشكلة، التي تعدّاها الزمن وتجاوزتها سنوات طويلة وكثيرة، لا بل الإتهامات والمزايدات التي تعرّض لها الذين أطلقوا أول رصاصة في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وهنا فإنّ كثيرين لا يعرفون أنّ الرسالة التي كان وجهها “أبو عمار” إلى “قمة” بيروت الشهيرة قد حال دونها العرب المزايدون.. أصحاب: أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة.
إنّ هذه مسألة، وأما المسألة الأخرى فإنّ “مزايدي الداخل الفلسطيني” الذين كانوا يقولون وربما لا زالوا ولكن همساً ومن وراء الأبواب المغلقة: ما لنا ومال القدس والأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة.. ما دام أنه بإمكاننا إقامة الدولة الفلسطينية على باقي ما تبقى من فلسطين التي أحتلت في يونيو عام 1967 ومع العلم أنّ هؤلاء “أنفسهم” كانوا يصفون (أبو عمار) حتى عندما إشتدّت عليه آلام السموم التي كان قد دسّها الخونة والعملاء له.. بأنه ممثلٌ ومخادعٌ وأنّ هدفه هو إستدرار العطف عليه.
وهكذا وفي النهاية، ولا نهاية لهذه الأمور، عليَّ أنْ أشير وأنْ أذكر أنني في ذروة ما عرفته من بعض الأصدقاء في رام الله من إشتدادٍ للأوجاع على “أبو عمار” رحمه الله الرحمة الواسعة، قد إتصلت برفيق دربه “درب الثورة” الشائك الطويل الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وسألته عن وضع رفيقه ياسر عرفات وكان جوابه: أنّ عليك أنْ تتصلَ به فأوضاعه في غاية الصعوبة.. وأسأل الله أنْ يلطف به.
وبالطبع فقد إتصلت بهذا الرجل الذي سيبقى شعبه يذكره بكل خير إلى الأبد والذي بدأت معرفتي به مع بدايات إنطلاق الثورة الفلسطينية العظيمة حقاً في عام 1965 وكان جوابه لي عندما سألته عن حالته: “إن وضعي سيئٌ.. لقد قدروا عليّ.. يا حبيبي يا صالح.. لقد قدروا عليّ”.. رحم الله هذا الرجل العظيم الرحمة الواسعة الذي كان يقول فيه “المزايدون” و”المنتفعون” ما لا يقال!!.