الغدر والخيانة يصنعان الفقر والمهانة* صالح الراشد
النشرة الدولية –
نقف مشدوهين ونحن نشاهد الوضع العربي المؤلم، فأواصر التقارب والأخوة بين الدول تقطعت، وتحول العرب إلى أعداء لا يؤلف بين قلوبهم إلا الله، وجاء هذا العِداء لتحقيق مكاسب خاصة أو لإثبات الولاء لسياسات غربية أو غريبة، فظهر بأن عالمنا العربي الممتد من المحيط الثائر وحتى الخليج الهادر كيتم في ملجأ قد ورث الكثير عن والده، ويطمع اللصوص بالإستيلاء على أمواله، ولتحقيق هذا الأمر كان لا بد من أن يبعدوا عنه كل قريب وكل غيور على مصلحته حتى يبقى يتيماً وحيداً بلا سند، وهذا هو حال دولنا العربية في العصر الراهن.
العالم العربي ليس من الفقراء على موائد اللؤماء، بل هو غني بمقدراته وثرواته وحاضره وتاريخيه، لكن بسبب عدم وجود نوايا صادقة عند أصحاب القرار للنهوض بشعوبهم، وبسبب طعن العرب في ظهور بعضهم البعض، تراجعت قيمة مواقف الأمة وأصبحت لا تُقرن إلا بالغدر وتوصم بالخيانه، وهذا أمر جعل العالم المتعطش للإستيلاء على خيرات الأمة يتعامل معهما على أنها ليست أهلاً للثقة حتى فرض هيمنته وسيطرته عليها، ليزداد العرب يُتما وبُعداً عن بعض، لتنتشر الحروب كالنار في الهشيم واختار كل من أبناء العروبة فئة يدعمها على حساب الأخرى وليصبحوا جميعاً كالريشة في مهب الريح.
وللتاريخ تقفُ منظمات المجتمع العربي بكاملها متفرجة على ما يجري دون أن يكون لأي منها دور في رأب الصدع، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية التي أصبحت كفزاعة لا تخيف الطيور ولا تُساعد على نمو البذور، وللأسف فقد تحولت العديد من المنظمات ومنها النيابية إلى لعبة بيد أصحاب القرار السياسي، لتُصفق لما يصفقون وتهادن من يُهادونون وتُحارب من يحاربون، فأصبحت مجرد أكوام من الأخشاب تجلس فوق مقاعد خشبية لا دور لها إلا زيادة إشعال النيران الملتهبة بين الإخوة، وتعجز عن قول الحق والنصح والإرشاد لما فيه خير البلاد والعباد.
وقد يَخفى عن العرب وربما يعلمون لكن لا يُفصحون حتى لا يُفتضحون، بأنهم جزء أساسي من المؤامرة الذاتية التي يُساهمون بصياغتها ويجعلون أقاربهم وأبنائهم وقوداً لها، وسيجدون أنفسهم بعد وقت قريب أنهم بنارها سيحترقون ، فالجهل لا يورث إلأ الموت والفقر، والخيانة تدمر التاريخ وتصنع المَهانة، والغدر بالأخ يجعلهم بلا سند وفريسة لكل وحش جانح، لذا فإن على الأمة العربية أن تُغير خطابها ونموذجها الفكري وطريقة عملها حتى نجدها في صف واحد وخندق واحد وتعمل لهدف وغاية واحدة، وعندها سنستعيد جزء من هيبتنا الضائعة وحقنا المهدور.