من لم يمت بالسيف* نوف قيس
النشرة الدولية –
من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد
وتعددت سبل الحياة أيضا رغم أن معنى الحياة واحد.. الموت ليس موضوعا محببا للاستفتاح به، ولكنه أحد وجوه الحياة.
نجد الحياة أينما وجهت وجوهنا شطره، يلفت انتباهنا تفتح زهرة في فناء المنزل ويسرع أحدنا إلى قطفها وتزيين نافذته أو منضدة تتوسط مجالسنا أو ربما بزاوية مركونة دون اكتراث، ويظل هذا المنظر بديعا يسر الناظرين لحين ذبول الورود لنرميها، يأسرنا هطول القطرات الأولى للمطر التي يليها صوت الرشة القوية.. فيلحقه هدوء عميق نشتم فيه رائحة الأرض التي تنبيء بالحياة من جديد، بعضنا يتوق لمنظر بزوغ الشمس يرى به ولادة ليوم جديد وإشراقة أمل، وكذلك نرى في الغروب بداية لليل يجمع شتات قلوبنا والهدوء فيه دعوة للدعاء بأن ينعدم الصخب وفرصة لخلق مساحات من الطمأنينة والعزلة الروحية التي تبني حطام أرواحنا من جديد.
الحلم كذلك.. صورة من صور الحياة، الحلم هو البدايات لذا يجب أن نكترث لأحلامنا، أن نبني هذه الأحلام لنعيشها نحن لا ليعيشها الآخرون، يجب أن نبالغ في خيالات البداية أن نغمض أعيننا ونتخيل بداية أي شيء.
بداية نبضة الحب التي دقت بأوتاد قلوبنا وثبتتها بعمق الجسد، بداية افتتاح مشروع لطالما انتظرناه، اليوم الأول من أي حلم يتحقق، أول يوم لنا في الجامعة كان يوما ما حلما، أول التفاتة لشيء ما أثار إعجابنا، بداية التعافي من مرض نهش عافيتنا، أول قلق كذلك..
الحياة التي وعدنا بها ووجدنا لأجلها يجب أن نلتقطها، أن نظل نبهين يقظين من أجلها، كي لا يصطاد الآخرون سعادتنا على غفلة منا، فالحياة يجب أن تعاش بشغف الحصول وبلوغ الإرادة، يجب أن تكون بها قناصا ماهرا للفرص، لا تتوقف ولا تمتنع عن شيء، لا تعتقد أنك غير مناسب أو أنك أضعف للمواجهة، لا تغذي نفسك على التأجيل، امنح نفسك القوة الكافية لتقوم بالحياة المطلوبة ولو ادعيت القوة، حارب كل ما يؤذيك وادع الصلابة، قاوم قدر ما تهبك الحياة من وقت ولو أضحيت رمادا.. ففي النهاية كلنا سنضحى رمادا، حينها سيكون سيانا لديك أن تصنع قهوتك في الصباح أو تخترع الذرة، إنها مسألة قناعة بأنك قادر، ليس المطلوب أن تتقن شيئا معينا.. ليس هذا المطلوب، الحياة تتطلب أن تتقن ما تحب وما تريد، كل بدوره.. فكما تمنحنا الحياة فرصة لنثبت أننا نستطيع ستمنحنا فرصا لإثبات بأننا لا نستطيع* ويجب أن تتعلم التجاوز أيضا وإعادة المحاولة، فلابد أن هناك شيئا تتقنه.
البدايات هي الأهم، دعونا نجعلها الأجمل والمحفز الأقوى أيضا فإنها ستحفر بذاكرتنا إلى الأبد، دعونا نختار بداياتنا وذكرياتنا.. ونتناسى النهايات نختار الحياة التي نود أن نعيش الآن.
الحياة للمبادرين ومتخذي الخطوة، الحياة لمنفذي القرارات، الحياة لليقظين الأحياء، للنجاح الذي يثير الدهشة، لذا اختر بداياتك.. بدايات متعددة صحيحة بإرادتك طالما أن الموت واحد.
* منقول بتصرف.