ماذا لو كان لاري كينغ عربياً؟!* نادين خماش
النشرة الدولية –
العربية نت –
قارب التسعين من عمره وظل حاضراً بقوة في عالم التلفزيون والصحافة المرئية، ومع وفاته عن عمرٍ يناهز سبعة وثمانين عاماً تصدّر نبأ رحيله نشرات الأخبار، وسُطّر اسمه في العناوين العريضة الحمراء ضمن سلسلة الأخبار العاجلة التي تخطف أعيننا كلما رأينا هذا المستطيل الأحمر أسفل عرض الشاشة.
ملك الحوارات الأسطورة وكثير من الألقاب التي توّجت اسم لاري كينغ المذيع الأميركي الشهير الذي حقق نجومية عالمية بإجراء مقابلات مع قادة وسياسيين وحتى المشاهير، وقُدر عددها بنحو خمسين ألف مقابلة خلال مسيرته المهنية!
تميّز بأسلوبه البسيط في كل مقابلة ليست بسيطة أبداً من حيث المضمون ونوعية الضيف، وروى في مذكراته “رحلتي الرائعة”: “هناك كثير من المذيعين الذين يروون ثلاث دقائق من الحقائق قبل أن يطرحوا سؤالاً كأني أقول: دعوني أُرِكم كم أعرف. أعتقد أن الضيف هو من يجب أن يكون الخبير”.
لم يتغن المشاهدون بجماله أو أناقته أو شبابه وطول قامته، كان جلّ تركيزهم ينصبّ على أسئلته التي تحاكي ذهنهم وكلامهم إن كانوا أمام الضيف الذي يحاوره لاري.
فماذا لو كان لاري كينغ إعلامياً عربياً؟
لاري كينغ وغيره من الإعلاميين والإعلاميات الأجانب الذين عاصروا زمن الصحافة إلى الصحافة الإلكترونية وعصر السوشيال ميديا ظلوا يحظون بذات الأهمية والتقدير حتى رغم كبر سنهم التي تتجاوز الستين والسبعين، واللافت أن أغلبهم لا يريد الانسحاب أو الاكتفاء، وكأن مسيرتهم تبدأ بعد مرور 50 عاماً من كلماتهم الأولى عبر شاشة التلفزيون.
للأسف بخلاف عالمنا العربي الذي يعطي المذيعة قالباً مختوماً بمقياس مدى الجمال والرشاقة وصغر السن، أصبحت معايير يُتهم على إثرها البعض لأنهم لا يملكون مقوّمات العصر، وكثير من المتابعين ينظرون إلى هذا القالب ويقيّمون الجمال ويطلقون الألقاب الخارقة التي في غالب الأحيان أكبر من الشخص نفسه وقد تسيء إليه بوضعه في هذا القالب، كمذيعات الأخبار اللواتي صرن يسمين بالجميلة والملكة، والأغرب يعطونهن تاريخ انتهاء صلاحية.
هل مع تبدّل الزمن اختلفت المعايير أم لكل زمن إعلاميوه وإعلامياته بغضّ النظر عن حجم المضمون لكل واحد منهم؟!
طبعاً مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي التي أعطت منصة لكل متفاعل ولو بدون هدف إلا أن البعض أصبح يرى أن عالم الصحافة كان أفضل وأنقى قبل هذا العصر، وكان الإنسان مقدّراً بحجم عطائه المهني لا بحجم متابعيه الافتراضيين على منصات سوشيال ميديا.
لا نسلّط الضوء من باب عقدة النقص أو إعلاء قيمة الأجنبي لكن لم لا نتأثر ونسير على خطاهم في تقدير الكبير سناً ومسيرة وظيفية هادفة ودعم الصغير لينظر إليهم نظرة الطامح ليصل إلى حجمهم لا أن نفرض معايير قد تؤذي عالم الصحافة والتلفزيون.