أيها العالم الأحمق ..الموت جوعاً أصعب من الموت بالكورونا* صالح الراشد
النشرة الدولية –
إستصرخت منظمة الصحة العالمية والدول الكبرى جميع الأجهزة الإعلامية والأذرع السياسية والطبية من أجل مكافحة وباء كورونا والتصدي له، واستنفرت الجميع للتصدي لهذا الوباء ليس لأنه فتاك بل لأنه قادر على أن يلامس أصحاب السعادة في البشرية، فهو يُصيب الأغنياء والساسة الذين لم يُتعبوا أنفسهم بدراسة الأرقام الصحيحة لآلام الناس الذين يسكنون كوكب الأرض، فالعالم انقسم بين أغنياء لا يهتمون بالفقراء، وفقراء يبحثون عن سبل الموت الرحيم بعد أن غُلِقت أمامهم أبواب الحياة، وأصبح الموت رحمة وغاية.
هذه هو العالم المقيت الذي نعيش فيه عالم الظلم والبغي والقهر، عالم يسرق فيه الأقوياء الضعفاء ويتلذذون بموتهم، عالم يتسابق سريعاً لإكتشاف لقاح لكورونا لضمان البقاء حسب رأيهم، وهم يعلمون بأن القتل والموت ليس بالكورونا، فالموت بالفقر أسوء والموت جوعاً أكثر إيلاما، فقد أصيب بالكورونا في شتى بقاع العالم على مدار عام وزيادة حوالي مئة مليون إنسان مات منهم حوالي مليوني إنسان غالبيتهم يعانون من أمراض مزمنة، فيما يعاني من الجوع والفقر المدقع حوالي “736” مليون إنسان يموت منهم سنويا حوالي “8.760.000” إنسان، وفي الولايات المتحدة لوحدها أصيب بالكورونا “24” مليون مقابل “30” مليون مواطن لا يجدون الطعام، فأيهم أكثر ايلاماً الإصابة بالكورونا أو الجوع، وفي الأردن أصيب بالكورونا حوالي “320” ألف، فيما وزعت الحكومة الدعم على “300” ألف أسرة يعيشون تحت خط الفقر ويتجاوز عددهم المليون مواطن.
ويصف لنا الأطباء عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي رحلة العذاب للمصاب بالكورونا، وكيف يتعذب قبل الموت وهو يبحث عن الهواء فلا يجده وكيف ان الأغنياء يتمنون ذهاب ثروتهم مقابل الهواء، ولم يصف لنا أي من هؤلاء حالة من يموت جوعاً وهو لا يجد ما يسد به رمقه، وكيف يتلوى ألماً ويتحول في صحاري العالم وبالذات الافريقية إلى طعام للصقور والنسور، فهؤلاء القتلى لا يجدون الكاميرات التلفزيونية تطاردهم أو من يُدافع عنهم، لذا لم نجد العالم يتحرك لمساعدة الفقراء رغم أن التقارير تُشير إلى أن الطعام الموجود في العالم يكفي سكان الأرض، لكنه جشع الإنسان ورغبته في امتلاك كل شيء هي التي جعلته يلقي ما يفيض عن حاجته من طعام في القمامة بدلاً من أن يضعها في فم فقير جائع أو يبني بثمنها بيتاً لمهجر.
إن أقوياء العالم ينظرون للمشاكل بصورة معكوسة، فأصل الاشياء المحافظة على الحياة البشرية من التشرد والقتل والتي تكون كمحصلة للحروب والتي بدورها تساهم في نشر الفقر والمرض، لكن العالم الغربي الذي يتعامل مع الدول المتحاربة كمراكز لتجارب أسلحتهم لا يهتز له جفن، بل يزيد من الإمداد العسكري للأطراف المتصارعة حتى يفرض هيمنته عليهما بعد نفاذ قوتهما، لذا فإن ما نسمعه ونشاهده من أقوياء العالم من محاولات للقضاء على كورونا ما هو إلا قناع لإخفاء الصورة البشعة التي تنتهك الحياة في شتى المواقع، لكن حين اقترب منهم الوباء أصابهم الجنون خوفاً ورعباً من فايروس لا يؤلم كالجوع والتشرد، وللتاريخ فإن كورونا أصاب العديد من قادة العالم لكن أي منهم لم يُصب بالجوع لذا سيظلون بلا شعور ودون إنسانية لأنها لغة لا يعرفونها ولن يدركوها.