الإصلاح السياسي بوابةً ومدخلًا مهمًا للإصلاح الاقتصادي* د. دانيلا عدنان محمد القرعان

النشرة الدولية –

تنبع أهمية الإصلاح السياسي باعتباره مدخلًا مهمًا وموازيًا للإصلاح الاقتصادي والوجه الاخر له، وإن إصلاح التحديات الاقتصادية الذي نمر بها يتطلب اصلاح النظام السياسي القائم من خلال رؤية شاملة تستهدف تسريع عملية الارتقاء بالوطن والمواطن الى منزلة أسمى.

في ظل الظروف المستجدة التي يمر بها الأردن علينا جميعًا ان نستوعب ان هذا الوضع الاقتصادي الحالي هو الأصعب منذ عقود خلت، وإصلاح هذا الوضع الراهن يتطلب انشغال المواطنين بقضايا الوطن ضمن نهج منظم وتشاركي؛ حتى نتخطى الصعوبات السياسية والتحديات الاقتصادية التي احيطت بنا، وحتى نتفادى المخاطر القادمة التي من الممكن ان تزداد لعدم اكتراثنا بالوضع القائم والشعور بخطورة الوضع المستجد. ما زال ملف الإصلاح السياسي غائبًا عن اجندة الحكومات الأردنية بالرغم من وعود الكثير من رؤساء الحكومات عند تسلمهم مهامهم بإن الإصلاح السياسي سيكون سابقًا للإصلاح الاقتصادي.

إن الإصلاح الاقتصادي لن يتحقق من دون اصلاح سياسي يفرز لنا حكومة وطنية لديها القدرة على معالجة التحديات الداخلية، ونضيف لذلك ان هنالك أطرافًا داخل الدولة الأردنية لا ترغب برؤية وتحقيق الإصلاح السياسي بل لديها رغبة قوية بعدم احداث أي تغيير يذكر، وهي ما يمكن ان نطلق عليها بقوى الشد العكسي، وكذلك تجاهل المطالبات الوطنية الحقيقية بتحقيق واحداث الإصلاحات السياسية، وغياب التعديلات الفاعلة للقوانين الناظمة للحياة السياسية والأحزاب السياسية في الأردن.

إن غياب نظام انتخابي قادر على تجسيد الإرادة الشعبية والمشاركة في صنع القرار بما يفضي الى حكومات برلمانية يحول دون الوجود الحقيقي للحياة السياسية في الأردن، في الوقت الذي نعتبر فيه ان الإصلاح السياسي هو بوابة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ولا يمكن ان نساعد على إعادة الثقة الا من خلال اصلاح الحياة السياسية وتعديل قانون الانتخاب.

كنا نأمل من الحكومات المتعاقبة إعادة النظر بالإصلاح السياسي والقوانين الناظمة للحياة السياسية، فقانون الانتخاب الذي تم اعداده لم يكن قادرا على انتاج مجلس نواب قوي وفرز كتل برلمانية قوية قادرة على إدارة الحوار السياسي تحت قبة البرلمان ومناقشة السياسات العامة.

إن المفتاح لحل مشاكل الأردن يبدأ بتطبيق وتوسعة دائرة الإصلاح السياسي الذي قد يكون مقدمة للاستقرار الثابت من خلال اشراك الشباب والمواطنين في صنع القرار وفرز نخب جديدة لقيادة مركب المشهد السياسي تزامنًا مع عجز وعدم قدرة النخب الحالية عن احداث التقدم السياسي والاقتصادي ومع ارتفاع العجز والمديونية خصوصًا في ظل وجود مجلس نواب ضعيف والذي يمثل اهم مخرجات القانون الحالي.

لدينا تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية ظاهرها واساسها الفقر والبطالة والجوع وعدم الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة من مؤسسات حكومية ونقابية وحزبية وتزامنًا بالتحديات الإقليمية المحيطة بنا والتي لها علاقة بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية والذي إذا تصفت سيكون على حساب الأردن والاردنيين.

وعند الحديث عن نظام تمويل الأحزاب السياسية الجديد والذي تم ربط تقديم الحوافز المادية بالأداء نربط ذلك بالتراجع عن محاولات دفع العملية السياسية الى الامام وبالمحصلة هذا يقودنا الى تراجع اعداد الأحزاب وانسحاب بعضها من الحياة السياسية في الأيام القادمة.

امام هذه التحديات التي يمر بها الأردن يمكن الحديث بإن الواقع الأردني اليوم يعكس الإرادة السياسية للإصلاح، ويجسد رغبة قوى الامر الواقع في إبقاء الوضع الراهن وتعليق أي تعثر في طريق الإصلاح على غياب الوعي السياسي وضعف الأحزاب السياسية لقطع الطريق على أي اختراقات محتملة قادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى