سياسة بايدن .. إطالة أمد الحروب بصناعة القوي العسكرية المتوازية* صالح الراشد
النشرة الدولية –
عاد رئيس الولايات المتحدة جوزيف بايدن إلى طريقة الحزب الديموقراطي في إدارة العلاقات الخارجية وصناعة الأجواء المحفزة لخدمة مصالح الدولة الأمريكية، والتي تقوم على التلاعب بالدول وإطالة أمد الحرب في المناطق الساخنة، بغية الإستمرار في فرض سيطرتها وهيمنتها وجعل يد الكيان الصهيوني هي الأطول والأقوى، وهذه الطريقة ظهرت بشكل واضح في عهد الرئيس أوباما حين صَنع الربيع العربي أو الخريف الدموي القاتل والذي اشعل المنطقة على مدار عقد من الزمن، ولا زالت الأمة العربية ولغاية الآن تدفع ثمن هذه السياسة القاتلة والتي تعتبر اشرس من سياسة القتل والإحتلال العسكري.
بايدن وإدارته علقوا بيع أسلحة للمملكة العربية السعودية ومقاتلات “إف-35” للإمارات العربية المتحدة في إطار “مراجعة” قرارات سابقة اتخذت في فترة ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن هذا الحديث والغطاء الإعلامي لا يدل على حسن نوايا الحكومة الأمريكية الساعية إلى زيادة إلتهاب المنطقة، كون الولايات المتحدة لا تنمو إلا في عالم الصراعات غير المنتهية، وبالتالي هي تبحث عن إطالة أمد الحرب إلى فترة تحددها واشنطن وتحقق خلالها مصالحها وأهدافها الإستراتيجية المطلوبة والتي تتمحور حول خدمة الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وحمايته من نشوء اي قوة عسكرية في الجوار.
وفي حال إستمرار الحرب السعودية الإماراتية مع إيران على الأراضي اليمنية، فإن هناك العديد من السيناريوهات المتوقعة والتي تتمثل بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، لزيادة هيمنتها على المعابر المائية في الخليج العربي والبحر الأحمر والموانيء المنتشرة على طول المنطقة خدمةً لمصالحها، وقد ترغب في إجبار دول الخليج وبالذات السعودية والمارات والبحرين على زيادة العلاقة العسكرية مع الكيان الصهيوني بتشكيل جبهة عسكرية موحدة لمواجهة التمدد الإيراني، على أن تكون اليد الطولى في هذا التحلف لصالح الكيان الصهيوني الذي ينتمي إليه بايدن، فيما هناك رغبة أمريكية جادة بعدم زيادة القوة السعودية الاماراتية خوفاً من أن تصبح من القوى العسكرية الكبرى والإقليمية في المنطقة وهذا قد يهدد المصالح الأمريكية في مرحلة لاحقة.
وقد نجد بايدن يطبق هذه السياسة في سوريا بإعادة القوة العسكرية للتنظيمات التكفيرية والقوى المعارضة للنظام السوري،وإشعال المنطقة من جديد، وقد يغوص لأبعد من ذلك في العراق بإنشاء منظمات جديدة لضرب مصالح النظام الإيراني، ولجعل العراق يحترق بنار كبرى من جديد، وقد تصل الجرائم الأمريكية بصناعة القوى المتوازنة والمتحاربة إلى القارة الافريقية وبالذات مصر بسبب حدودها المشتركة مع الكيان الصهيوني وليبيا التي ستتحول لموقع للحرب المرتقبة بين مصر وتركيا، فيما الجزائر ستكون على أجندة الحكومة الأمريكية كونها تملك ثروات طبيعية لا تمتلكها قارة كاملة.
بايدن يريد صناعة المستقبل الأمريكي باستغلال الدول للحد الأقصى، ويريد أن يحقق ما عجز عنه ترامب من استغلال هذه الدول وصناعة الفرقة الكاملة وجعل المنطقة العربية في حروب غير منتهية ولا يتفوق فيها طرف على آخر، وجاءت البداية بمنع صفقات السلاح عن السعودية والامارات، مما جعل صورة سياسة الحكومة الأمريكية أكثر وضوحاً وأكثر نُضجاً في جر المنطقة إلى الدمار الممنهج أو تشاركها مع الكيان بمعاهدات سلام ودفاع مشترك.