حملة شائعات تسابق وصول لقاح كورونا إلى لبنان: احذروا مفاعيلها المدمّرة

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

الشائعات التي رافقت ظهور فيروس كورونا وصنّفته في خانة المؤامرة الأميركية، انسحبت على اللقاحات التي تمّ تطويرها لمكافحته. هذه الشائعات يتمّ تداولها على شبكات التواصل الإجتماعي، وبعض وسائل الإعلام، وتجد رواجًا في العالم بأسره يضاهي سرعة انتشار الوباء، أبرزها أنّ اللقاح يؤدي إلى “تغيير الحمض النووي للإنسان” أو “زرع شريحة في جسم الإنسان لمراقبته” أو أنّه “يسبّب العقم لدى النساء” وغيرها من الشائعات التي فعلت فعلها، ودفعت بالعديد من الناس إلى الخوف من أخذ اللقاح.

في لبنان أيضًا هناك شكوك حول جدوى اللقاحات، لدرجة أنّ العاملين في القطاع التمريضي الذين هم على تماس مباشر مع مرضى كورونا يتردّد بعضهم في تناول اللقاح، الذي يفترض أن تصل الدفعة الأولى منه بعد أيام، شكوك مماثلة لدى الإعلاميين والفئات الأخرى. ماذا يقول أهل العلم؟

الدكتور نزيه رامز بو شاهين عضو في اللجنة الفنيّة والعلميّة التي شكّلتها وزارة الصحة قبل أيام “لدرس ملفات اللقاحات المقّدمة من دول غير مرجعية لـ covid 19 ” لتقرير أيّ لقاحات سيتوردها لبنان، دحض في حديث لـ “لبنان 24” كلّ هذه الشائعات التي “تفتقد إلى أيّ أساس علمي” وأعادها إلى سلوك بشري على قاعدة “أنّ الإنسان عدو ما يجهل” معتبرًا أنّ سرعة تطوير اللقاح قد تكون شكّلت ذريعة لدى المشككين، كون اللقاح كان يستغرق خمس سنوات، ولكنّ التطور العلمي ساهم بهذا الإنجاز، وما كان يحتاج لأشهر عدّة أصبح يُنجز بغضون أسابيع قليلة.

اللقاح سلاحنا الوحيد بمواجهة كورونا

بو شاهين مؤسس ومدير “المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء والمواد الكيميائية”، وعضو في الجامعة اللبنانية في “اللجنة الخاصة بتوريد وحفظ وإعطاء اللقاح الخاص بفيروس كورونا” لفت إلى أنّ اللقاحات هي السلاح الوحيد المتوفّر أمام البشرية حتّى اليوم لمواجهة هذا الوباء “الذي يحصد الأرواح ويتطوّر ليصبح أكثر إنتشارًا وتوجّهًا لإصابة الفئات العمرية الشابة، فضلًا عن الأضرار التي يحدثها الفيروس في الجسم بعد التعافي خصوصًا في الرئتين والتي تسمى ” long covid”. بالمقابل عقار Remdesivir ليس فعّالا لعلاج كورونا وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية”. مضيفًا “العلاج الأرخص والأذكى هو الكمامة والإجراءات الوقائية، ولكنّ الناس مع الأسف تتجاهلها”.

في قراءة علمية أشار بو شاهين إلى أنّ اللقاحات التي أُنتجت إلى اليوم أعتمدت طرقًا ومبادىء مختلفة، واللقاح الأكثر تطورّا هو المعتمد من قبل Pfizer وشريكتها الألمانية BioNtech و Moderna، بحيث اعتمدوا تقنية ” mRNA ” مرسال الحمض النووي الريبي، يدخل الطعم إلى الخلية “cytoplasm”، ويبقى هناك ويعمل من خلال إعطاء الجسم تعليمات لإنتاج بروتين مماثل لذلك الموجود على سطح فيروس كورونا، ويهدف التطعيم إلى تحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة ضدّ هذا البروتين، لاعتراض الفيروسات قبل دخولها إلى الخلايا وتكاثرها. يؤكد بو شاهين استحالة أن يدخل اللقاح أو أي جسم آخر إلى nucleus أو نواة الخلية ليغير في الجينات “وإلّا كنّا شاهدنا أشكالًا غريبة عجيبة من الكائنات الحيّة، وهذه ضمانة علمية معروفة”.

الدكتور بو شاهين أضاف أنّ هذه الشركات استحصلت على بند الاستخدام الطارئ (emergency use authorisation) من المنظّمات الصحيّة العالمية لإستخدام اللقاح والتخفيف من عدد الضحايا “لأنّ إنتظار الإذن النهائي يكلّف البشرية أعدادًا كبيرة من الأرواح. برأيي أول طعم يصل إلى لبنان يجب أن نأخذه، ولدينا اجتماع الثلاثاء المقبل للبحث في اللقاحات التي تستحصل على الإستخدام الطارىء، إضافة إلى فايزر، لنرى إمكانية استيرادها لصالح القطاع الخاص، خصوصا أنّ القانون الذي أقّر في لبنان يسمح بذلك، والعائق الوحيد أن الشركات المصنّعة لا تبيع سوى للدولة، وبالتالي تقديم الطلبات للراغبين باستيراده يتم عبر وزارة الصحة”.

بو شاهين يرى أنّ أكثر لقاح آمن حتى اليوم هو Pfizer “هذا اللقاح أعطى فعالية بنسبة وصلت إلى 95%، أيّ في كلّ مئة شخص أخذوا اللقاح، 5% فقط لم يستفيدوا، وهي نتائج جيدة، والمضاعفات الوحيدة ظهرت على الأشخاص الذين يعانون من حساسية فائقة، وقبل أيام قليلة استثنوا الحوامل من أخذ اللقاح إلى حين صدور الدراسات النهائية. وفي قراءة للنتائج والأرقام، ما يقارب 43 مليون شخص حول العام أخذوا هذا اللقاح، وهناك 73 شخصًا كانت لديهم allergic reaction، ولم يكن هؤلاء على علم بأنّ لديهم حساسية، أي واحد بالمليون وهي نسبة قليلة جدًا، وهناك 23 شخصًا توفوا، جميعهم من المسنّين ويتمّ التحقق من أسباب الوفاة”. في هذا السياق نذكر أنّ وكالة الأدوية التابعة للإتحاد الأوروبي، أكدت يوم الجمعة “عدم وجود علاقة بين لقاح فايزر- بيونتك وحالات الوفاة التي سُجّلت في أوساط أشخاص تلقوه”.

بو شاهين لفت إلى قيام المركز الوطني بالعديد من النشاطات والمحاضرات حول فيروس كورونا وأعراض اللقاحات، كما أنّ “المركز الوطني لليقظة الدوائية” في الجامعة اللبنانية أصبح معتمدًا من منظّمة الصحة العالمية، وأدخلته إلى شبكة المنظمة العالمية كمركز رسمي وطني وحيد معترف به من قبلها في لبنان، للتعاون في تقييم إضرار أيّ دواء يستخدم في علاج كورونا أو المفاعيل الجانبية للدواء Pharmacovigilance، وبموجبه تبلّغ نقابات الأطباء والصيادلة والمستشفيات ومستوردي الأدوية في لبنان مركز اليقظة الدوائية عن أيّدواء يحدث مفاعيل جانبية، والمركز ينجز دراسة إحصائية بهذا الشأن ويرسلها إلى وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى