نخاف!* أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
حسن أشكناني، ابن عمتي الذي خرج ولم يعد لحضن أمه، كم يصعب علينا أن نقول «المرحوم حسن – المطعون حسن»، وكم هو مؤلم أن تفقد أم ولدها، فلكم أن تتخيلوا كم الألم عندما تفقده مقتولاً، مطعوناً.. بسبب هوشة، فتكاد عمتي تفقد صوابها ورشدها، لولا إيمانها بالله، ولله وصبرها.
لكن الطعنة، التي اخترقت جسد حسن، الشاب الطيب الخلوق، البار، اخترقت قلوبنا جميعاً، آلمتنا، أدمت مشاعرنا، أبكتنا، وستبقى أمه تبكي الغدر الذي تعرّض له، في وسط مدينة يفترض أن تكون آمنة!
فمقتل حسن، أيقظ الكثير من التساؤلات في ذهني، هل ما زلنا بلداً آمناً؟ هل يجب أن نخاف ونتلفت كلما مررنا بشارع مزدحم أو سبقنا أحدهم إلى موقف سيارات؟ هل يجب أن نشك بكل من يقترب منا؟ هل يجب أن نحذر من أي غريب، أو حتى صديق؟! هل كل خلاف بسيط أو جملة «ليش تخز» ستردي أحد أبنائنا قتيلاً؟!
نعم، يجب أن نخاف، فالعنف في مجتمعنا ازداد لدرجة يمكن أن نقول معها إنه تعدى الاستثناء، وأصبح ظاهرة حاضرة على الدوام، في كل مكان عام، بل وحتى خاص أيضاً، فكم خبر قرأنا منذ بداية العام عن عراك هنا، وطعنات هناك، وغدر في مكان آخر! وكم مرة ستخلف لنا هذه المشاهد قتيلاً شاباً كحسن لا سمح الله؟
والأهم من كل هذه التساؤلات: لماذا أصبح العنف عادياً؟ ولماذا زادت حالات القتل، وقد تزيد أكثر إلى أن تصبح معتادة هي الأخرى؟ هل فقد القانون هيبته؟ هل يمارس الناس العنف اليوم تحت مبدأ «من أمن العقوبة أساء الأدب»؟!
هناك علّة يجب تشخيصها ودراستها، فأولاً اختلفت أجيالنا الشابة اليوم، فيجب أن نتساءل على ماذا ربيناهم، وأي القيم منحناها لهم؟ هل تربوا على «خذ حقك بذراعك» أم إنهم تربوا على احترام هيبة القانون الذي ينصف أي شخص ويحفظ حقوقه؟!
فنحن في مجتمع تربى على «الواسطة»، وتعود بعض أبنائنا منذ الصغر على أنهم مهما أخطأوا، وتعدوا على أحد الزملاء أو الأصدقاء، فقد يفلتون من العقوبة بسبب معرفة ما هنا أو هناك، هذا فضلاً عن أننا نسينا ضرورة زرع ثقافة احترام القانون في التنشئة لدى أبنائنا، فمن يحترم القانون، سيكون أبعد ما يكون عن ارتكاب أي جريمة، صغيرة كانت أم كبيرة، فألا يستحق الأمر أن نعيد حساباتنا في تنشئة أبنائنا، بدءاً من البيت ثم المدرسة، والدولة، فأرواح الناس في الشارع أصبحت في خطر!
وفي زحام حالات العنف، وتكرار حوادث القتل، لنا أن نسأل: لماذا اختفى الوازع الديني؟ ولماذا اختفت أساليب التوعية الوسطية المحببة، التي تزرع القيم الحميدة في النفوس، والتي تربينا عليها؟ ولماذا لا تكون خطب الجمعة مواكبة لمتطلبات العصر حتى تجذب الشباب؟ فكلما كان الدين أقرب من لغة الشباب، لجأوا إليه.
وتبدو الأسباب التي تؤدي إلى العنف كثيرة، خصوصاً في ظل ارتفاع معدلات الإدمان، وتوافر المواد المخدرة، باختلاف أنواعها، فهل أصبحت بمتناول أيدي أبنائنا بسهولة؟!
ناهيك عن حجج الخلاص من العقوبة التي لا تنتهي، فكلما ارتكب أحدهم جريمة ما، كان يملك ملفاً بالطب النفسي يخلصه من أيدي العدالة، ألم يحن الوقت لنراجع هذه الملفات، ونسد هذه الثغرة حتى نحفظ أرواح أبنائنا؟
من جهة أخرى، فإن وزارة الداخلية تتحمل المسؤولية كذلك، أليست المسؤولة عن أمننا؟! أصبحنا نخاف، ونريد أن تعود لنا طمأنينتنا، ويعود لنا الشعور بالأمان، فأصعب ما قد يشعر به المواطن والمقيم أن يتلفت خوفاً على ماله أو نفسه! طبقوا القانون، افرضوا هيبته واحترامه حتى نعيد كويتنا الآمنة، ونحفظ أرواح شبابنا.
ملاحظة:
إلى جانب حالات العنف الكثيرة التي تشهدها تجمعات الشباب الذكور، فإن أكثر ما يدمي القلب، جرائم القتل التي تمارس تحت مسمى «جرائم الشرف»، والمحزن أن قانون الجزاء ما زال يتضمن مادة تحرض على هذه الجريمة، وتخفف عقوبتها إلى ٣ سنوات، رغم أن القتل لا يمكن تبريره تحت أي مسمى، فأوقفوا هدر الأرواح.