الانتخابات الرئاسية السورية.. والعودة الأميركية العسكرية
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
تسيطر حالة من الترقب على المتابعين للملف السوري بانتظار ان تتضح سياسة الادارة الاميركية الجديدة تجاه هذا الملف ويتشكل الفريق الذي سيتولاه، خاصة وأن الرئيس جو بايدن يرث أزمة عمرها 10 سنوات لا تزال بعيدة عن خط النهاية. فلا أفق لأي مؤتمرات أو منصات تعمل على خط الحل السياسي، فضلا عن أن الازمة السورية ليست في سلم أولويات البيت الابيض بل تندرج ضمن حزمة ملفات قد تكون مترابطة مع بعضها البعض، في اشارة إلى العلاقة مع تركيا والأكراد وروسيا وإيران وإسرائيل.
يظن البعض أن إدارة بايدن سوف تلجأ إلى إعادة تقييم السياسة الأميركية تجاه سوريا، من منطلق أن قرارات الرئيس السابق دونالد ترامب كانت بمجملها قرارات غير صائبة ومتهورة ولم تأخذ بعين الاعتبار التحديات الاستراتيجية لقرار الانسحاب العسكري من سوريا الذي رُفض يومذاك من صقور الجمهوريين والبنتاغون والديمقراطيين.
ومع ذلك، فإن إعادة سطوع نجم كل من نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، والمستشار ريت ماكغورك، ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان يؤكد بما لا يقبل الشك ان السياسة الاميركية تجاه سوريا لن تكون خارجة عن المألوف لا سيما وأن السياسات الخارجية للولايات المتحدة لا تختلف بتغيير الاشخاص، إنما تخضع لاستراتيجيات الدولة العميقة. ومن هنا سيناقش الكونغرس الأميركي مشروع قانون يطالب الرئيس بايدن بعدم الاعتراف بشرعية النظام السوري، وحق الرئيس بشار الأسد في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، علما أن الاسماء السابقة الذكر كانت من أبرز الداعين إلى الاطاحة بالاسد، والرافضين للانسحاب الأميركي من سوريا، فضلا عن دعمهم للاكراد، وهنا الحديث عن ماكغورك تحديدا الذي يعد أحد داعمي القوات الكردية.
ازاء هذا المشهد، لا يستبعد المراقبون ان يخضع بايدن للبنتاغون، وبالتالي الذهاب الى تعزيز وجود القوات الأميركية في سوريا والعراق، وتحديدا في قاعدة التنف قرب معبر التنف الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، على قاعدة مواصلة التعامل مع تهديد تنظيم داعش الذي عاد للبروز بقوة لا سيما في الساحة العراقية. هذا الامر يعني أن اميركا ستكون حاضرة عسكريا في سوريا لكنها ستقود العمليات من الخلف من دون ان تتورط مباشرة ، بحيث تكتفي بدعم بعض المجموعات المسلحة “قسد” التي تنفذ راهنا حصارا على الحسكة، بالتزامن مع بدء القوات الأميركية إنشاء قاعدة جديدة لها في منطقة اليعربية بريف الحسكة الشرقي، علما ان سياسة بايدن تجاه الاكراد الذين يطمحون الى “الحكم الذاتي”، سوف تأخذ بعين الاعتبار علاقة الولايات المتحدة بتركيا الساعية من جهتها لتكون لها اليد الطولى في المنطقة.
ومع ذلك، يتطلع بعض الاوساط بايجابية الى تعيين بايدن روبرت مالي، مبعوثاً خاصاً للشأن الإيراني، خاصة وان الاخير كان قد عارض دعم الحركة السورية المؤيدة للديمقراطية وقاوم الإجراءات العقابية ضد الأسد خلال عهد الرئيس الاسبق باراك اوباما، عطفا على مواقف المسؤول الأميركي والأممي السابق جيفري فيلتمان إلى الشرق الأوسط امس والتي اشارت الى أن السياسة الأميركية في سوريا، لادارتي ترامب و أوباما فشلت في تحقيق نتائج ملموسة إزاء أهداف واشنطن، داعياً إلى اختبار مقاربة جديدة تقوم على اتخاذ الأسد خطوات ملموسة ومحددة وشفافة لا يمكن العودة عنها في شأن الإصلاح السياسي، مقابل إقدام واشنطن على أمور بينها تخفيف العقوبات على دمشق.
لكن تخفيف العقوبات، وفق المطلعين على السياسة الاميركية لا يعني ان قانون قيصر قابل للتعديل، فهو يحظى بموافقة الديمقراطيين والجمهوريين، وهذا يعني انه سيبقى سيفا من قبل ادارة بايدن ضد النظام السوري عندما تدعو الحاجة الاميركية لذلك.
وترى بعض الاوساط المطلعة على السياسة الاميركية أن التوجه الذي يعبرعنه فيلتمان من شأنه ان يدفع نحو تقليص النفوذ الايراني في سوريا، لا سيما ان العمل على احياء الاتفاق النووي سوف يترافق مع مفاوضات حول ملفات المنطقة والصواريخ الباليستية وهذا سيفرض على ايران تقديم التنازلات، عطفا على ارتفاع بعض الاصوات التي تطالب بايدن بالتعاون مع روسيا في سوريا لاخراج الحرس الثوري من دمشق والاهتمام بالعمل على تعزيز الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف.
اما مصادر نيابية سورية فتقول لـ”لبنان 24” ان النصائح التي قدمها روبرت فورد اخر سفير اميركي الى دمشق ودعوته الى تغير سلوك اميركا تتفق مع مقاربة فيلتمان للمسألة ذاتها ..فالاثنان يعترفان بفشل اميركا في سورية بإستثناء محاربة تنظيم داعش الذي يتضح انه يعود بطريقة موحدة بين سوريا والعراق، ولذلك فإن الاميركيين مدعوون اليوم الى قراءة عميقة لما حققوه في سوريا،بعد فشل الادارة السابقة في اسقاط النظام، وبالتالي فإن بايدن الذي يؤسس لمناخ تصالحي لا يريد تكرار فشل اميركا في تحقيق اهدافها.
وبانتظار أن تنجلي الامور، فإنه من المبكر الحديث عن تطور ايجابي اميركي تجاه سوريا، فالاختبار الأهم وفق المعنيين، يتمثل بالانتخابات الرئاسية السورية هذا العام، وبعدها لكل حادث حديث.