في عالم الحرية الكاذبة.. أصحاب الثروات يموتون أولاً* صالح الراشد

النشرة الدولية –

تنجو الدول الفقيرة والتي لا تملك ثروات مخفية من الموت الذي تصنعه الدول الكبرى، فكلما قلت ثروات الدول قل طموح مجرموا الحرب في تدميرها أو إحتلالها كونه لا فائدة من السيطرة عليها، وفي القارة الافريقية عانت العديد من الدول عبر التاريخ من قسوة وإجرام المُستعمر الأوروبي الذي استعبد القارة وسكانها ونقل جزء كبير منهم ليعملوا كعبيد في مزارعهم وبيوتهم دون أن يكون لدى الاوروبين أي نزعة إنسانية، وحمل الأوروبيون جرائمهم معهم إلى العالم الجديد في الولايات المتحدة، فقتلوا الهنود الحمر بطريقة تعتبر الأسوء في تاريخ البشرية، واستوطنوا بلادهم ونهبوا خيراتها وحولها إلى دولة جديدة.

 

وظن البعض ان ظلم الأوروبيين سينتهي أو يتراجع في عصر الإنفتاح الإعلامي والذي استطاع أن يكشف العديد من جرائم البشرية، ليظهر أن هذا مجرد حلم صعب المنال فمن اعتاد القتل والإجرام لن يكون قادراً على أن يُصبح حمامة سلام، إضافة إلى سيطرتها على مراكز الإعلام الذي أصبح يغض الطرف عن جرائم هذه الدول وينظر فقط إلى أفعال الخير التي تقوم بها، لكن حقيقتها مغايرة لأن اصلها “كمن يقدم لقمة لفقير قام الأروبيون بسرقة قمحه وخبزه”، فتسابقت الدول الأوروبية على غزو القارتين الافريقية والآسيوية بغية السيطرة على طرق التجارة في العالم القديم البحرية منها والبرية، كما تسابقت على السيطرة على ثرواتها الطبيعية التي تكشفت مع بداية القرن العشرين من ذهب وفضة وألماس ونفط وغاز والكولتان.

 

نعم الكولتان، المادة الجديدة والقادرة على صناعة المعجزات والتي تملك الكونغو النسبة الأكبر في العالم من مخزونها، وتُستخدم في صناعة المفاعلات النووية ومحركات الطائرات والصواريخ والأجهزة عالية الدقة، وينصهر عند درجة ثلاثة آلاف درجة مئوية، لذا فقد دفعت الكونغو حياة الملايين من أبنائها ثمناً لهذه الثروة المنهوبة عبر حروب طاحنة، فخاضت الفصائل والدول حروب بشعة على أرض الكونغو من أجل السيطرة على الحُكم، إما بإدارة الفصائل أو تقوم الدول المنتصرة بتعين قيادة تتناسب مع رغبتها في نهب خيرات البلاد، ليكون الموت والقتل هو عنوان المرحلة في كل بلد تظهر فيه الثروات التي يسيل عليها اللعاب الغربي.

 

ويتشابه حال الكونغو بليبيا والعراق التي تمتلكان كميات كبيرة من احتياط النفط العالمي وكانتا تحت السيطرة، لكن حين خرجت العراق عن سيطرة الدول الغنية وأصبحت ليبيا مهددة بأن تصبح دولة حقيقية كان لا بد من تدمير الدولتين لضمان السيطرة المُطلقة على نفطيهما، واليوم تشتعل سوريا وقد تلحق بها لبنان بسبب غاز البحر المتوسط والذي يجب أن تكون الدولتين حُراس عليه دون أن يكون لهما رأي في عمليات الإستخراج والبيع، وظهر أن سوريا لن تركع فشنوا عليها حرباً شعواء، فيما استقر الحال بالدول التي رضيت أن تسير على الخط العالمي كما ترغب الدول القوية وتحتكم لأمرهم وتبيع برغبتهم.

 

ما يحصل في العالم يجعلنا نُدرك ان الدول الفقيرة في مجال الثروات هي التي ستنجوا من المكائد والإحتلال والموت، كون وحوش الأرض لن ينظروا إليها كصيدة بل سينظرون إليها بعين الشفقة، وبالتالي يقيمون معها تحالفات بغية الإستفادة من مواقفها وطبيعتها لتمرير أهدافهم، لينجو الفقراء من الموت على يد أغنياء العالم، لذا فإن إكتشاف الثروات يقود للموت في عالم الحريات والإنفتاح والقتل على الشاشات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button