حكوماتنا تحتجز الوطن معها داخل الصندوق* صالح الراشد

النشرة الدولية –

تتربع حكوماتنا المتعاقبة داخل صندوق الخيارات الضيقة والذي أخذ يضيق أكثر وأكثر من حكومة لأخرى، وبدلاً من أن تقفز حكومة جريئة خارجة، أخذت الواحدة تلو الأخرى تقزم فعلها لتتناسب مع الحجم المُتغير للصندوق حتى تجد لنفسها مساحة للحركة، محاولة إقناع الشعب بأنها قوية وقادرة على إيجاد المستقبل، معتمدة على نقل الشعب من وهم لآخر ليعتاد على الوهم، ويشعر بأن الوضع الحالي الخالي من الأمل هو الخيار الأفضل كون الحاضر هو الأجمل.

 

إن التفكير خارج الصندوق يحتاج لفكر متفتح قادر على صناعة المستقبل من الفرص المُتاحة، والتي يبدو أنها تتضائل في ظل زيادة البطالة وانتشار الفقر وسيطرة المحسوبية والواسطة على مفاصل الدول وانحسار المالي بيد عدد محدود في المجتمع، حتى غدا الفساد هو القوة المُسيطرة وصاحب الكلمة الفصل في عديد مناحي الحياة لتتراجع الفرص، وهنا أصبحت أول خطوات القفز خارج الصندوق تتمثل بإجتثاث الفساد حسب نظرية ” إهجم ، دافع، ابني”، وبالتالي يتم الخلاص من الفساد والبدء بإنطلاقة حقيقية صوب النهضة والبناء وتجاوز قوى الشد العكسي.

 

وتتمثل الخطوة الثانية بمحاربة البيروقراطية التي تعشعش في وزارات ومؤسسات الدولة، وأن يتم تطوير برامج التصحيح الإقتصادي لجلب المستثمرين من الخارج، وأن تفتح أبوابها لأصحاب الفكر ورأس المال، ليشكلا الثنائي القادر على مساعدة الدولة كما فعلت العديد من دول العالم، وهذا أمر صعب المنال إلا إذا تم التصدي للعوامل الطاردة للإستثمار، بتثبيت القوانين والضرائب وثبات الإتفاقيات التجارية بين الدول لضمان إمتلاك القدرة على تطور العمل.

 

وبسبب سياسة الصندوق الضيق فقد قررت العديد من المصانع الهروب من الأردن لنجد أن حوالي ستين مصنعاً قد أغلقت أبوابها فيي الأردن وفتحتها في مصر، كون أجواء الاستثمار أفضل والسوق التجاري أوسع ، كما لم تجدد اكثر من ألف وثلاثمائة شركة اشتراكاتهم في غرفة صناعة عمان لوحدها مما يجعل الرقم مرشحاً للزيادة بفضل الهروب من بقية المحافظات، وهذا أمر سيرفع عدد العاطلين عن العمل في الأردن، وبالتالي فان الحكومة لا تجلس في الصندوق وحيدة بل تحتجز معها الوطن ومستقبل الشعب في ظلمة الحاضر التي صنعتها الحكومات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى