امي و الرجال في حياتي* ريم قمري
النشرة الدولية –
أغلق النافذة و أتمترس خلفها أراقب السماء الغائمة ، أنقر باصبعاي على الزجاج محاولة تتبع إيقاع الأمطار الخفيف هذا الصباح ، و أدنن لحنا ناشزا ابتكرته ، أحب هذا الطقس كثيرا مع أنه يشعرني دائما بالحزن، قال لي مرة أحدهم ان سبب حزني هو سلبيتي ، و حين حاولت التخلص من سلبيتي صار حزني أعظم و أعمق ، تعلمت بعدها انه علينا ان لا نصدق كل ما يقوله الآخرون لنا و ان لا نحمله محل الجد.
ابتعد عن النافذة و أقطع الغرفة ذهابا و ايابا ، احاول القيام بتمارين رياضية لظهري المعطوب ، أتحرك الان بشكل أفضل بعد ان أخذت الى حد الان ثلاث إبر ، و يبدو ان مفعولها كان أسرع مما توقعت ، احس اني افضل بكثير .
أرغب في تدخين سيجارة في الحديقة و تحت المطر ، تستحوذ علي هذه الفكرة الان بشدة ، ابحث عن الوصفات الطبية للأدوية التى وصفتها لي الطبيبة أمس و أقرأها بتمعن ، ثلاثة أنواع أقراص مختلفة ، و ينصح مع اغلبها عدم شرب نبيذ ، سأكتفي بالشاي إذا.
يرن هاتفي تتصل صديقة تقترح علي التسجيل في نادي غناء ، و تحدثني مطولا عن الأجواء الجميلة و عن الراحة النفسية و تضيف أن هذا ما احتاجه حتى اتغلب على المرض و الاكتئاب ، أعدها بأن أفعل ، تغلق الخط و ترسل لي رابط صفحة النادي على الفيسبوك و تفاصيل التسجيل و أوقات نشاطه .
أتذكر أبي كان يضع في مسجل سيارته السيتروان القديمة “كاسيت” كنت قد سجلته بصوتي و أغني فيه اغاني “الست” ، كان تسجيلا بائسا ، بصوت مراهقة أحلامها أكبر منها ، سجلته وقتها في الحمام ، المكان الوحيد الذي كنت اعتبره الاستوديو الخاص بي و أحتله لساعات طويلة.
اسأل امي عن الكاست هل مازال موجود في أغراض أبي القديمة التى تحتفظ بها ، تعدني بالبحث عنه لاحقا دون حماس كبير، لا تؤمن امي كثيرا بما أفعله ، تعتبرها نزوات عابرة لذلك تكتفي بالحياد الصامت.
علاقتي بأمي غريبة ، مازالت تعتبرني طفلة صغيرة غير ناضجة و غير قادرة على اتخاذ قرارات صحيحة، تفكر و تقرر عادة نيابة عني، و كلما دخلت في علاقة حب مع أحدهم ، ترفضه و تجد فيه ألف عيب ، و في غالب الأحيان تكون صادقة في حكمها .
و لذلك كنت أغضب من نفسي و منها في نهاية كل علاقة ، كان يتهيأ لي انها تشعر براحة كبيرة و سعادة حين تنتهي العلاقة ، ارى في عيونها تلك الجملة الشهيرة و ان كانت لا تقولها لي ” ألم أقل لك انه غير مناسب”
أمس حلمت أني أنجبت طفلة كانت جميلة جدا ، لكن ما أثار استغرابي أن شعرها كان أحمر ، لكنني كنت سعيدة جدا و انا اضمها الى صدري ، لم أخبر امي بالحلم أخاف ان تقول لي ” ألم اقل لك ان الرجل غير مناسب لك”.