“رسالة تهديد للبنانيين”.. اغتيال لقمان سليم يثير مخاوف تكرار “السيناريو العراقي”!
النشرة الدولية –
الحرة –
مازال اغتيال الناشط لقمان سليم، والعثور على جثته في الساعات الأولى من صباح أمس يثير ردود الأفعال والمخاوف.
تصر شقيقته رشا الأمير أنها لا تنتظر نتيجة تحقيقات كي تعرف الحقيقة، إذ قالت في تصريحات لقناة “الحرة” اليوم الجمعة أنه من المعروف أن الجهة التي تقف وراء مقتله هي “أحد الحزبين الحاكمين في هذه المنطقة”، تقصد حزب الله وحركة أمل.
رغم ذلك، تنتظر شقيقته تقارير الطب الشرعي لمعرفة تفاصيل أكثر عن اللحظات الأخيرة لمقتل لقمان، الذي تلقى 4 رصاصات في الظهر والرأس.
وقال الناشط السياسي أدهم حسينية، إن من الواضح أن اغتيال لقمان سليم كان سياسيا، بسبب مواقفه المعارضة من المنظومة الحاكمة في لبنان، وخاصة حزب الله.
وأضاف في تصريحات لموقع قناة “الحرة” أنه في ظل المنظومة الحالية وسيطرة الميليشيات المسلحة على الدولة تكون الاغتيالات السياسية جريمة عادية بدون أي محاسبة.
بينما قال الكاتب الصحفي جاد شحرور، المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير، إن هذا الاغتيال ليس الأول من نوعه في تاريخ لبنان بداية من اغتيال مهدي عامل ومرورا بالكاتب سمير قصير.
وذكر في حديثه مع موقع “الحرة” إن هذه الاغتيالات تثبت أن معركة الحريات مستمرة في لبنان، وأكد على أن الشعب يطالب بتحقيق شفاف في هذه الجريمة
وأشار شحرور إلى أن سليم، المعروف بمواقفه المعارضة لحزب الله، كان قد تلقى تهديدا في ديسمبر 2019، بعد لصق بيانات تهديدية على سيارته وتتهمه بالعمالة والخيانة، مضيفا أن هذا الاغتيال مهد له منذ عام 2016، وهو التاريخ الذي بدأت فيه لبنان تشهد ارتفاع كبير في الانتهاكات ضد المثقفين والنشطاء والصحفيين، ولفت إلى أنه في عام 2020، تم تسجيل نحو أكثر من 200 انتهاك.
وكان سليم في أعقاب هذه التهديدات، نشر بيان قال فيه: “قوى الأمر الواقع ممثلة بشخص السيد حسن نصرالله وشخص الأستاذ نبيه بري، المسؤولية التامة” عن هذه التهديدات “وعما قد يجري” ضد وضد عائلته ومنزله.
ويدير سليم الذي عرف بمعارضته الشديدة لحزب الله، مركز “أمم” للأبحاث في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب قرب بيروت، الأمر الذي كان يُنظر إليه على أنه تحد لهذه القوى السياسة الأكثر نفوذاً في لبنان. وأنتج سليم وثائق عدة في مركز “أمم”، خصوصاً لتسليط الضوء على ملف المفقودين في الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).
تكرار سيناريو العراق
وقالت مصادر عسكرية لموقع “الحرة” إن “جُثة سليم وُجدت في سيارة مستأجرة كان يقودها المغدور، وقد تعرض لإطلاق نار من مسدس حربي بـ 4 طلقات نارية، 2 منها في رأسه”، مشيرة إلى أن “المباحث الجنائية بدأت العمل على التحقيق لمعرفة تفاصيل أكثر حول الجريمة من حيث السيارة التي استخدمها الجناة وكيف لحقوا به وكُل ما يرتبط بالقضية”.
وذكر النائب العام الاستئنافي في الجنوب رهيف رمضان أن “جثة سليم وجدت مصابة بـ 4 طلقات نارية ولم يعثر مع الجثة على أي بطاقة تعريف، بينما طالبت عائلة سليم بتشريح الجثة لمعرفة ما إذا كان قد تعرض للتعذيب.
وبمجرد إعلان خبر اغتيال سليم، شبه النشطاء هذه الجريمة بجريمة اغتيال الكاتب والمحلل العراقي هشام الهاشمي في يوليو الماضي على يد الميليشيات المسلحة، وبدأت مخاوف من تكرار السيناريو العراقي في اغتيال وخطف النشطاء، وخاصة أن لبنان يمتلك تاريخ طويل في الاغتيالات السياسية.
وفي أعقاب ثورة تشرين 2019 في العراق، بدأت الميليشيات الموالية لإيران في خطف المتظاهرين والنشطاء واغتيالهم.
وقال مكرم رباح، المحلل السياسي، إن ما يحدث في لبنان هو امتداد للسيناريو العراقي، وذلك يظهر بوضوح في اغتيال الهاشمي وتصفية لقمان سليم.
وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”: “نحن جميعا في محور واحد، الذي يطالب بالدولة سواء في العراق ولبنان وسوريا في مواجهة الذين اختطفوا الدولة بالسلاح”، وتابع: “لا يوجد من يحمي هؤلاء النشطاء سواء الأمن أو الدولة أو القانون”. وأشار إلى أنه رسالتهم من هذه الجريمة أنه “مهما تكن شجاعا أو جبانا ممنوع أن تقف بوجههم وتعارضهم.
ولم يستعبد حسينية تكرار سيناريو العراق من اغتيالات وخطف للنشطاء في لبنان، خاصة في ظل تأزم الموقف السياسي في البلاد وحتمية مواجهة المنظومة الحاكمة مع الناس والمعارضين في الشارع
رسالة تهديد
وأكد شحرور أن ما حدث رسالة تهديد وترهيب وتخويف لكل اللبنانيين وأن “من سيعاكس المزاج السياسي الحاكم سيلقى حتفه”، مضيفا أن هناك من تحويل لبنان إلى دويلة، لكنه شدد أن صوت اللبنانيين بوجه الظلم سيظل عالي.
وقال رئيس تحرير موقع جنوبية وصديق سليم، الصحافي المعارض أيضاً لحزب الله علي الأمين لموقع “الحرة”: “هي رسالة للجميع بأن لا أحد في أمان. لقمان كان شخص لديه الكثير من العلاقات التي من الممكن أنها أزعجتهم. وأيضاً اليوم نحن في مرحلة انتقالية خاصة على صعيد إقليمي وتغير الإدارة في أميركا، وبالتالي هناك من يُريد أن يوصل رسالة خارجية في هذا التوقيت بالذات”.
من جانبه، استنكر تيار المستقبل بأشد عبارات جريمة اغتيال سليم ووصفها ب “النكراء”، وحذر وحذر من مخاطر العودة الى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين، وطالب نطالب الجهات المختصة إلى جلاء الحقيقة بأسرع وقت.
كما كتب عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي خضر غضبان على تويتر: “اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم مؤشر خطير”، وأضاف: “يبدو أن مساحة الحريات بدأت تضيق فعلا في لبنان الذي تحول لصندوق بريد ومشابها للسيناريو العراقي”.
بينما قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي: “جريمة قتل لقمان سليم مروعة ومدانة وأجريت اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية لمتابعة تداعيات اغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم”.
بدوره دان، رجل الأعمال بهاء الحريري، جريمة اغتيال سليم، وقال: “مثل هذه الأعمال تهدف الى تخويف ملايين اللبنانيين الذين يدعون الى مستقبل أفضل للبنان، وهذا يسلط الضوء على الشجاعة اليومية التي أظهرها الشهيد سليم وكل الوطنيين من رجال ونساء الذي شاركوا قضيته”.
كما قال سفير الاتحاد الأوروبي بلبنان: ” ندين ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان التي تسمح بوقوع تلك الأعمال المشينة ونطالب السلطات المعنية بإجراء التحقيق المناسب”.
ونددت جماعة حزب الله الشيعية بقتل الناشط البارز لقمان سليم. مطالبة في بيان “الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم”، في إنكار غير مباشر عن مسؤوليته عن الواقعة.
أما عن تأثير هذه الجريمة على المستقبل السياسي للبنان، أكد شحرور أنه سيزيد الانقسام والشرخ السياسي في ظل تعثر تشكيل الحكومة.
بينما أشار حسينية إلى أن مثل هذه الاغتيالات قد تؤثر على بعض النشطاء وتدفعهم إلى ترك المشهد السياسي إذا أحسوا بخطر على حياتهم، لكنه أكد أن أغلبية النشطاء لن يتأثروا بذلك ومستعدين لمواجهة أي مخاطر، ولفت إلى أن هذه الجرائم ستزيد غضب الشارع.