الأردن يفقد المنتج عدنان العواملة رائد الدراما البدوية تاركا وراءه مسيرة حافلة من الإنتاجات الدرامية ذات الطابع البدوي وأخرى ذات منحى سياسي واجتماعي

النشرة الدولية –

ارتبط اسم المنتج الأردني عدنان العواملة الذي فارق الحياة متأثرا بإصابته بكوفيد – 19، فجر الجمعة، في دبي عن عمر يناهز 72 عاما، بأعمال درامية بدوية شكّلت وعلى مدار عقود منذ انطلاق التلفزيونات العربية تتابعا، مادة ثرية وشهية للمشاهدين العرب.

وكثيرا ما يجري الخلط بين أعمال كبرى لا تغيب عن ذاكرة المشاهدين من الأجيال المختلفة، وأعمال العواملة، فتتم نسبة تلك المسلسلات إليه، مثل “رأس غليص” وغيره.

والواقع أن العواملة عرف مبكرا تلك الخلطة السرية التي برزت في تلك الأعمال، حين لاحظ إمكانية مزج الحضور المتعالي للنجم المصري يوسف شعبان مع الممثلة السورية سلوى سعيد في “وضحا وابن عجلان” العمل البدوي الذي كان مقنعا للملايين من المشاهدين إلى درجة كبيرة، وكان من إنتاج عالية للإنتاج التلفزيوني ومن إخراج غسان جبري.

وعاد العواملة من رحلة دراسته وعمله الأولى بين بيروت ولندن، ليبدأ في تركيب تلك الوصفات التي تستند إلى التاريخ المروي من قصص العرب، والتي لم يكن تدوينها قد بدأ بعد، بل كانت الأجيال تتناقلها وكانت تبتهج بمتابعتها على الشاشة.

وحين أسّس شركة “تيليميديا” أو “المركز العربي للخدمات السمعية البصرية” مطلع ثمانينات القرن الماضي، كانت الساحة ممهدة وجاهزة لتسويق أعماله التي مهما كانت تتنوّع بين الحديث والسياسي والتاريخي، إلاّ أنها تعود إلى البدوي، مادته المفضلة وبضاعته الأكثر رواجا.

تمكن العواملة من ترسيخ فكرة لم ينجح كثيرون في البرهنة عليها، وهي أن إنتاج الدراما العربية أمر ممكن ومربح. وقادته قناعته تلك إلى تقديم أعمال ذات توجهات متعددة جعلته مطلوبا دوما في السوق، وفي بيوت الأسر العربية من المشرق إلى المغرب.

وكان الراحل يسعى دائما إلى تقديم الحكايات العربية بصورة مختلفة، فأعاد إنتاج وتجديد الأعمال القديمة، عبر الشركة التي ترك قيادتها لابنه طلال. فاستحضر “غليص” من جديد، و”نمر بن عدوان” وحلّ روحي الصفدي محل يوسف شعبان في دور ابن عجلان ومرج جبر في دور وضحا. ولم يتوقّف إنتاج العواملة على أعمال الكبار فقد اتجه نحو عالم الأطفال والبرامج.

إلاّ أن الدور التجميعي الهام للعواملة كان في إتاحة الفرصة أمام ممثلين من الجنسيات العربية المختلفة للتلاقي أمام كاميرا واحدة، غير أنه كان يعاني من عدم المتانة في النصوص التي يتم إنتاجها، كما في عمله “أبوجعفر المنصور” الذي واجه انتقادات واسعة ومحقّة بسبب تصويره المتعمّد للخليفة الأمين بطريقة غير مسبوقة وتتنافى مع الرواية الأكثر مصداقية، وكذلك بسبب ميله إلى السردية الشعوبية ضدّ العباسيين وعصرهم الذهبي.

وأنتج العواملة أعمالا تتناول كافة المجالات من البيئة الشامية في “شام شريف” إلى تاريخ المرابطين في المغرب في “المرابطون والأندلس”. ولم يفته تناول ظاهرة الإرهاب في مسلسله “الطريق إلى كابول” الذي شهد معركة إعلامية كبيرة حين امتنعت الشركة المنتجة عن متابعة تسليم حلقاته للقنوات التي كانت تعرضه، وأثير حينها لغط واسع حول المحتوى وحول تراجع شركة العواملة عن تبني الأفكار الواردة في العمل بعد تلقيه تهديدات من المنظمات الجهادية.

ليواصل إثارة الجدل في “دعاة على أبواب جهنم” من إخراج رضوان شاهين وإياد الخزوز حول تجربة المجاهدين العرب في أفغانستان وعودتهم إلى بلدانهم.

كما أنتج الراحل مسلسل “الحجاج”، الذي تناول شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي تضاربت حوله الآراء واحتار في رسم صورته، التي لم تترك أثرا في التاريخ العربي الإسلامي فحسب، بل بقيت معروفة عبر الزمن كشخصية غيّرت وجه التاريخ في زمانها. وقد أبدع في أدائها الممثل السوري عابد الفهد في واحد من أهم أدواره على الإطلاق.

والعواملة الذي ابتعد قبل 12عاما عن قيادة شركته مفسحا المجال لابنه طلال لإدارتها، نال عن مسيرته الطويلة الحافلة العديد من التكريمات لعل أكثرها أهمية بالنسبة إليه، حصوله على جائزة الإيمي عام 2008 لفئة الرواية التلفزيونية الطويلة عن مسلسله “الاجتياح”، الذي ناقش الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال أحداث جنين وإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 2002، وكان من توقيع المخرج التونسي الراحل شوقي الماجري.

وعبّر الكثير من الفنانين الأردنيين عن بالغ حزنهم لرحيل العواملة، عبر حساباتهم المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، منهم الفنان زهير النوباني الذي كتب “إلى رحمة الله الأخ الصديق المنتج الأردني العربي الكبير عدنان العواملة. تركت أثرا طيبا وجميلا في الحياة وفي قلوب الناس، العزاء لنا جميعا بالفقيد المبدع الجميل والإنسان النبيل”.

كما نعت الفنانة أمل الدباس الراحل قائلة “فقدنا الكبير، الأيقونة، عميد المنتجين الأردنيين عدنان العواملة (أبوطلال)، ستبقى حاضرا فينا برقيّك وإنسانيتك، ببصمتك التي رسمت ملامح الفن الأردني، ستبقى، وسنبقى نقف إجلالا وإكبارا لمسيرتك”.

فيما نعى العواملة زميله وصديقه المنتج بسام حجاوي، قائلا “عدنان، صديق العمر.. رحمك الله بواسع رحمته ورضوانه”.

وكتب، ابنه، المنتج طلال العواملة على صفحته الفيسبوكية “إنا لله وإنا إليه راجعون، الله يرحمك يابا، عدنان أحمد يعقوب العواملة في ذمة الله (1948-2021)”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button