إلا أنت وأنا ….. ومن حكاوى الرحيل – الحكاية التاسعة* د. سمير محمد ايوب

النشرة الدولية –

أبَعدَ كُلّ هذا تسألُ لِمَ أنتَ بالتحديد؟! ولكن قبل أن أقولَ، قُل لي بِربّك، لِمَ لا تسألُني، متى بَعثرتُ أوراقيَ على بيادرِك وفي غيطانِك؟ ومنذ متى وأنا أراك في وجوهِ جُلِّ الناس، وأحداقِ الزهْرِ ونَقشِ المطر؟!

أجمل ما فيك تميُّزك، نسيجٌ أنت وحدك. لم تَنسلِخَ عن ذاتِكَ، ولمْ تَتخفّى في قناعِ أحدٍ، أو جِلبابِه، أو حتى في حِذاءِه. كُنتُ أعلمُ أنّك لس  لستَ بِلينِ الصِدِّيقِ، ولا بِحزمِ الفاروق، ولا تُشبهُ عثمان بِحيائِه، ولا تُقلّد علِيٍّا بِبلاغته وحِكمته وشجاعته ولا حتى بشيٍ من خصوصيّتِه.

نعم، كنتُ أعلمُ أنك لستَ نُسخةً مكرّرةً عن أحد أو شيء. إختِلافُكَ المُحَصَّنُ، رزقٌ منْ ربِّ كلِّ الناس، لَمْ تَتمرّد عليه كُرْهاً أو طَواعيةً. أبْقَيْتَه عَصِيّا على الاختراق. وأبْقيتَ مساحاتٍ شاسعةٍ مُتعدِّدَةِ التضاريس، ملغومةً مُفخّخةً، تُخفيها بحذاقةٍ تُحسدُ عَليها، في ثنايا موجٍ من ابتسامات مُضبَّبَةٍ مُراوِغة، تُحاول إرباك منْ يُحاوِلُ مُبْكِراً، التَّسلُّلَ أو الاقتراب مثليَ، لاستطلاع ما تُخفيهِ دُروبُك مِنْ مُعاناةٍ دَفينة.

حاولتُ الابتعادَ، ولذاتِ الأسبابِ حاولتُ الاقترابَ أكثر. ولكنّي فشِلتُ ولم أستطع، لأنك لمْ تكُن أمْراً مُسلّماً بِه بالنسبة لي. كنتُ أقوى بِمُحاولاتي غَزوَك. كنتُ أتدثَّرُ بِدفء خَوفِكَ عليّ. فلم أعُدْ أهتم بالفشل. فالنتيجةُ كانت بالنسبةِ لي سِيّان. جُلَّ ما كنتُ أريدُهُ هو أن تبقى بِخير.

هل تَعلَم كم استهلكتُ منَ الوقت، وأنا أُناشِدُ خربشاتي كي لا تَدُلّ إلا عليك؟! كان الوقت طويلا مُمِلاّ حينَها. كُنتُ أستثمره في نقشِ الكثيرِ من تفاصيلك، وأنا أعلم أنَّ بعضها من نَسجِ خيالي المُحتلّ بك. فأنا مَنْ جَعلَني أحِبّك كما رزقني الله بك. لمْ أفَكّر قليلا أو كثيرا بالأسباب، أو بمن يبثُّ الدِّفء في الآفاق. كنتُ وأنا أفكرُ فيكَ، أمتلِكُ قدرةً عجيبةً على ترتيب أحداثِ في حياتَك. أبقيتُ نفسيَ في الوجَباتِ الرئيسيةِ من جنونِكَ العاقلِ، وشَغبِ أيامِكَ ولياليك.

المُهم ، يبدوالوقت الآن طويلا بدونك. ولكنْ لألفِ سببٍ وسبب ، أعِدُكَ ألاَّ أكونَ سبباً كافياً لكي ترحل. فهذا العِطرُ عِطرُك، والشَّذا الفوّاح شَذاك. وكلُّ هذا الغرس الأخضر والنّوار الذي يكتسي به يحتفي بك.

وتلك القُبلةُ في بَطنِ كفي، تقول لك: لكل الأسباب شُكرا. فأنتَ  بوصلتي لكل الاتجاهات والأسباب، وضمادي في مواسم كل الفصول  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى