المراوحة مستمرة حتى موعد الحسم الاقليمي: مواجهة أم بداية حل؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
بولين أبو شقرا
الحلول غائبة عن لبنان في السياسة والاقتصاد، فلا المؤتمرات الخارجية ستجدي نفعا ولا القبض على المضاربين في السوق الموازية ستجعل الليرة بخير. والمعلوم انه اذا تم انتخاب رئيس للجمهورية بصناعة محلية، فنحن امام المزيد من المآزق وامام ستة اعوام جديدة من الانهيار اسوة بالسنوات الماضية التي انتخب فيها العماد ميشال عون. القرار الخارجي لم ينضج بعد لوجود ملفات اقليمية ودولية عالقة بل هي تذهب الى المزيد من التشنج والاولوية لها، وما لبنان الا انعكاسا لتلك الحلول او الاشتباك. فالحرب الروسية الاوكرانية خلطت الاوراق واوروبا مهتمة بذلك الملف الذي اثر على اقتصادها واحدث اضرابات عامة خصوصا في فرنسا وبريطانيا وجاء التأثير امتدادا لوباء كورونا وما احدثه. اما في المنطقة فاللاعبان الاساسيان هما ايران والمملكة العربية السعودية التي تنتظر استحقاقات المنطقة. فماذا عن ايران؟
لبنانياً، يعتبر الايرانيون ان الجمهورية لها “ابنها الذي احتضنته وساعدته ودربته وما زالت تنفق عليه وعلى اولاده واحفاده، هذا الابن كبر واصبح ناضجا وبات يأخذ قراراته لوحده بحسب مصلحته وهو لم يعد محتاجا لمشورة ابيه، علما ان هذا الابن نجح في الكثير من القرارات ما جعله ماكنا في موقعه وصامدا بوجه كل ما واجهه” هو كلام ايراني صحيح، فالسيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله هو وكيل ايران في لبنان فما حاجتها بالتدخل لكن في صميم الامور لا يمكن ان ينقلب على ابيه فالمصلحة مشتركة والثقافة واحدة والحلفاء نفسهم. عندما نصبت ايران العداء للسعودية كان حزب الله يصعد اكثر ويمشي قبلها في الهجوم. فهل يمكن لحزب الله ان يوافق على رئيس لبناني وطني لا يطعن بظهره ويفضل ان يرتبط لبنان بمحيطه العربي على ان يرتبط بايران؟ بالطبع لا فالعلاقة لا تتجزأ ولبنان بالنسبة لحزب الله ورقة ايرانية مهمة في كل مفاوضاتها وفي امتدادها السياسي والحزب بالنسبة لايران ايضا الاستثمار الوحيد الذي نجح من ضمن عدة اخرى لم تنجح في الاستمرار او في اثبات وجودها.
اما اقليمياً، لم ينجح العراق رفم استضافته للقاءات عدة ايرانية- سعودية في وضع العلاقت الثنائية على مسارها. ايران تشترط فتح السفارتين في البلدين كبادرة حسن نية كما فعلت دول الخليج ،باستثناء البحرين ، فيما تصر جدة على ان يقفل الملف اليمني من دون خسائر لها معنوية وسياسية. اما في مجال الاتفاق النووي الايراني فهو “مات” كما قال الرئيس الاميركي جو بايدن من هنا نرى ان العلاقات بين الدول الاوروبية وطهران عادت الى دائرة التشنج بعد مسار طويل من الغزل الفرنسي خصوصا لكون الاوروبيون هم الرابحون من ابرامه كون الاستثمارات في ايران واسعة ولهم الحصص الكبيرة فيها. ويبقى الصراع الايراني مع اسرائيل الذي كان يحصل ” بالواسطة” عبر حزب الله والفصائل الفلسطينية فهو انتقل الى الداخل الايراني بعد الهجوم الذي تعرضت له مدينة اصفهان بطائرات مسيرة اتت من محيط المدينة ما بعتبر تطورا جديدا وخطيرا على خلفية الخرق الحاصل ونجاح تل ابيب في نقل المعركة الى ايران ما يطرح اكثر من تساؤل حول ردة فعل طهران التي لا زالت تتريث حتى الساعة، فعدم الرد يعني ان اسرائيل تقدمت في النقاط عليها وان صورة الجمهورية ” القوية” بدأت تتضعضع، اما في حال الرد فهل تتحمل المنطقة حربا لو متقطعة وهل تريد اميركا ذلك؟
لا شك ان التعقيدات اذن تزداد ولا شك ان لبنان يتهاوى بعيداً عن الحرب الاهلية لان تلك الحرب يدرك الاميركيون انها ستكون لمصلحة حزب الله. لذا فان حرب الانهيار الاقتصادي وانهيار المجتمع والمؤسسات مستمر الى حين الانفجار الكبير الذي لا يُعرف توقيته او شكله او مداه والذي قد يؤشر الى بداية الحل او المواجهة الحقيقية.