لقاح كورونا إجباري أم اختياري؟ جولة على قوانين بعض الدول العربية

النشرة الدولية –

في وقت استطاعت دول الاتحاد الأوروبي تلقيح 2.5 من سكانها فقط، بدأت فكرة جواز السفر الصحي أو المناعي تلقى رواجاً في بعض الدول، حيث كانت الدنمارك والسويد أول من أقر الشهادة الرقمية، في وقت تتريث فرنسا وألمانيا في دراسة مناقشة مشروع تقييد حركة الأشخاص الرافضين للقاح.

وأعلنت السويد والدنمارك، 4 فبراير الماضي، أنهما ستطوران “جوازات سفر إلكترونية” لتسهيل السفر إلى الخارج، ولكن ليس هذا فقط، بل سيصبح على السكان إبراز الوثيقة الطبية للمشاركة في الأحداث الرياضية أو الثقافية، أو حتى المطاعم بالنسبة للدنمارك.

أما فرنسا كما هو الحال في هولندا وألمانيا، تتم مناقشة السؤال من وجهة نظر علمية وأخلاقية وقانونية لاسيما في ظل وجود قوانين صارمة بخصوص الحريات الفردية. فماذا عن دول العالم العربي؟ وهل يمكن أنّ تسمح قوانينها في جعل اللقاح إلزامياً؟

عقدت شركة “طيران الإمارات” اتفاقية شراكة مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي “IATA” لتصبح واحدة من أوائل الناقلات الجوية في العالم التي تجرب “جواز سفر أياتا”، وهو عبارة عن تطبيق لمساعدة الركاب على إدارة سفرهم بسهولة وأمان بما يتماشى مع أي متطلبات حكومية خاصة بمعلومات أو فحوصات أو لقاحات كورونا.

لبنان

شرحت المحامية اللبنانية دانا حمدان، في حديث لموقع “الحرة”، أنّه “بالمبدأ القانوني لا يمكن القيام بأي عمل طبي على المريض إلا بعد الحصول على موافقته الشخصية أو من ممثليه الشرعيين، إلا بحالة واحدة وهي حالة الضرورة”.

وأضافت حمدان أنّ “حالة الضرورة هي تلك المتمثلة بانتشار الوباء عملاً بنص المادة 186 من قانون العقوبات”، مشيرةً إلى أنّه “عندما يثبت اللقاح فعاليته على الحد من انتشار الفيروس، بعد فترة زمنية معقولة، سيصبح إلزامياً”.

وأشارت إلى أنّ “قانون الأمراض المعدية في لبنان، يعرفها بأنّها تلك الأمراض التي تنتقل سواء من المريض أو من السليم الحامل الجراثيم إنسانا كان أو حيوانا إلى الأصحاء مباشرة أو بالواسطة والتي تتخذ أحيانا الشكل الوبائي”، لافتةً إلى أنّه “تم إدراج فيروس كورونا المستجد ضمن قائمة هذه الأمراض”.

وذكرت أنّ “تم إقرار قانون الأمراض المعدية في لبنان عام 1957، في ظل تفشي وباء إنفلونزا آسيا، وقد أعطى للسلطات قواعد تنظيمية لا تزال سارية المفعول، تجيز لها اتخاذ تدابير إلزامية من شأنها أن تحول دون انتشار الوباء”.

وختمت بالقول: “سلامة المريض وحرية الاختيار في كل ما يتعلق بجسده مصلحة يكفلها القانون، ولكن المصلحة العامة ترجح في هذه الحالة وهي سلامة المجتمع”.

في ظل تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد في لبنان، واكتظاظ الطوارئ وأسرة العناية المركزة في المستشفيات، بدأت ملامح أزمة جديدة تظهر بين المستشفيات الخاصة والدولة، وبينهما يقف المصاب بكوفيد – 19 باحثا عن علاج لمرضه.

بدوره، أيّد الطبيب والناشط السياسي اللبناني، الدكتور هادي مراد، في حديث لموقع “الحرة”، جعل اللقاح ضد فيروس كورونا إلزامياً على الجميع، وأضاف أنّ “أخذ اللقاح من قبل 80 بالمائة من العالم ينهي الوباء علمياً، ويرفع من إمكانية التحكم من انتشاره وتجديد نفسه بسلالات جديدة”.

العراق

بدوره، أكّد المحامي لعراقي، احسان فاضل الحيالي، أنّ “الإنسان محور الحقوق كافة ومن أهم تلك الحقوق هو الحق في الصحة والتمتع بها، وقد كفلت المادة 31 من الدستور العراقي أنّ لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية وتعنى الدولة بالصحة العامة وتكفل وسائل الوقاية والعلاج”.

ولفت الحيالي، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أنّه “بالمبدأ، لا يجوز إكراه الشخص على تلقي العلاج كون  ذلك من الحرية الشخصية، ولكن عند تفعيل قاعدة الظروف الطارئة في القانون، فتكون إلزامية اللقاح ممكنة طالما ثبت الأخير فعاليته في المحافظة على الصحة العامة في البلاد وأمن المجتمع”.

واعتبر أنّه “لغرض حماية المجتمع يطبق على من يمتنع عن أخذ  اللقاحات المجدية صحياً المواد القانونية الخاصة بمخالفة التعليمات والقرارات والامتناع عن تطبيقها وفقاً للمادة 240 من قانون العقوبات العراقي”.

مع انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا، ينتهك العراقيون بشكل جماعي الإجراءات الموصى بها للوقاية من الفيروس، ويؤيد الكثير منهم اعتقاد خاطئ، رسخه مسؤولون وأطباء وبعض رجال الدين، أنه تكونت لديهم مناعة ضد الفيروس، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وتنصّ المادة 240 من قانون العقوبات العراقي على أنّه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار كل من خالف الأوامر الصادرة من موظف أو مكلف بخدمة عامة أو من مجالس البلدية أو هيئة رسمية أو شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية أو لم يمتثل أوامر أية جهة من الجهات المذكورة الصادرة ضمن تلك السلطات وذلك دون الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها القانون”.

مصر

شدد رئيس وحدة “الحق في الصحة” بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وخبير فى إصلاح القطاع الصحي، الدكتور علاء غنام، على أنّ “قانون التجارب السريرية المصري الجديد يضمن حقوق الذي يقبل التطعيم، وممكن جعله إلزامياً متى ثبتت فعاليته ومجانيته”.

وأشار غنام، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أنّ “وزارة الصحة المصرية أعلنت أن اللقاح سيكون مجانياً للأطقم الطبية فقط وللمسجلين في برنامجي تكافل وكرامة، وهو ما يخالف المادة 18 من الدستور المصري”.

وتنص المادة 18 من الدستور المصري على أنّه “يجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة”.

وأضاف غنام أنّ “قانون التأمين الصحي الشامل الجديد ينص بوضوح على مجانية الخدمة فى الوباء فى المادة الثانية منه، التي تنص على أن خدمات الصحة العامة، والخدمات الوقائية، والخدمات الإسعافية، وخدمات تنظيم الأسرة، والخدمات الصحية الخاصة بتغطية الكوارث بجميع أنواعها، والأوبئة، وما يماثلها من خدمات تلتزم بتقديمها سائر أجهزة الدولة مجانا”.

وعلّق طاهر مختار، طبيب ومدافع عن حقوق الإنسان، في حديث لموقع “الحرة”، بالقول: “اللقاح مهم وضروري، ولكن لا يمكن السير بجعله إلزامياً على الإنسان، ويمكن استبدال ذلك بحملات توعية تشير إلى الأعراض الجانبية الخفيفة مقارنة بفوائد الجرعة للحد من تفشي الفيروس”.

وكذلك قال أحمد عابدين، وهو رئيس تحرير موقع العيادة لصحافة الصحة، في حديث لموقع “الحرة”، أنّه “من غير المسموح فرض واستخدام القانون لإجبار المصريين على أخذ اللقاح”.

وأضاف “الإلزام يعتبر تعسفاً في استخدام القانون، ويجب أن يتم بطريقة غير مباشرة تتمثل بحملات توعية للمواطنين لدرء الشائعات والأخبار الزائفة”.

دول الخليج

ولم تتطرق قوانين مكافحة الأمراض السارية في الإمارات وغيرها من الدول الخليج إلى إلزامية اللقاحات، وحتى أن إلزام أي شخص بالحصول على دواء أو لقاح أمر مخالف لأخلاقيات مهنة الطب، وقد يتطلب تعديلاً قانونياً ينص على ذلك بشكل خاص.

وكان مصدر حكومة إماراتي قال لصحيفة “الرؤية” المحلية إن “الجهات الصحية بالدولة لا تفكر مطلقا في جعل لقاح كوفيد-19 إجبارياً”.

بالمقابل، رفض مصدر حقوقي سعودي، في حديث مع موقع “الحرة”، التعليق على إلزامية اللقاح في المملكة، واكتفى بالقول: “الكلام النهائي بهذا الموضوع يعود للقرارات الملكية”.

في جميع أنحاء العالم ، سلط طرح اللقاح ضوءًا قاسيًا على التفاوتات في الدخل العالمي. تستحوذ الدول الغنية على نصيب الأسد من التطعيمات، بينما تتدافع الدول الفقيرة للحصول حتى على احتمال الحياة بعد فيروس كورونا.  والشرق الأوسط هو صورة مصغرة لتلك المشكلة العالمية.

يذكر أنّ حتى الآن، أعرب وزارات الصحة في غالبية الدول العربية على أنّ اللقاح سيكون إختيارياً ولن يكون إلزامياً على المواطنين والمقيمين.

وفي اجتهاد المحاكم، قد تكون المحكمة العليا في البرازيل هي أول من حسم الجدل الحاصل بإقرار إلزامية الحصول على لقاح ضد كورونا المستجد، سامحةً للولايات والبلديات بفرض عقوبات على الذين لا يمتثلون لهذا القرار.

اتجاه منظمة الصحة العالمية

وكانت مديرة إدارة التطعيم واللقاحات في منظمة الصحة العالمية، كيت أوبراين، قد قالت: “لا أعتقد أن تجعل أي دولة التطعيمات إلزامية”.

وأضافت أوبراين، في ديسمبر 2020: “قد تكون هناك بعض الدول أو بعض الحالات في دول تتطلب فيها الظروف المهنية ذلك، أو توصي بشدة بالتطعيم كحالات المستشفيات والعاملين داخلها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى