هذا ما ستفعله المصارف اللبنانية بحساباتكم!

النشرة الدولية –

المدن – عزة الحاج حسن –

تتفاعل جمعية المصارف اللبنانية مع مطالب المودعين، لا سيما منهم أصحاب الحسابات الصغيرة. لكنها بدل الإفراج عن الحسابات الذي قد يأتي بالفرج لأصحابها، تقوم الجمعية بتكريس إجراءاتها القاسية عينها التي تمارسها المصارف الأعضاء، منذ أشهر وحتى اليوم، باستنسابيتها ومخالفاتها ووقاحتها وتعنّتها في كثير من الحالات.

وتطالعنا جمعية المصارف اليوم 6 شباط بتوصيات للمصارف تسبقها مقدّمة يخال قارئها أن المصارف لطالما تعاملت بإنسانية مع مودعيها وتحسّست معاناتهم في الأوضاع السياسية والاقتصادية القاسية، التي زادها انتشار جائحة كورونا صعوبةً وتعقيداً، وتعكس سلاسة المؤسسات الحضارية التي تجيب عن تساؤلات المتعاملين معها. لكن جمعية المصارف تبيع الكلام المعسول للناس ظناً منها أن المودعين لا يزالون يحملون بعض الثقة بمصارفها، متجاهلة حقيقة أن اللبنانيين فقدوا كامل ثقتهم بها.

 

إغلاق الحسابات بـ”مرونة”

عمّمت جمعية المصارف على أعضائها بعض التعليمات التي لا تُفهم سوى على وجه تكريس الإجراءات القاسية السائدة حالياً. فهي دعت المصارف في البند الأول من التعميم إلى “معالجة إقفال حسابات المودعين بالمرونة المطلوبة في هذه الظروف الصعبة وبالتشاور مع أصحابها، وكذلك الحفاظ لا بل توسيع حسابات المواطنين، خصوصاً تلك العائدة لموظفي القطاعين العام والخاص، ما يسهّل عملية قبض رواتبهم وسائر التعويضات النقدية التي يتلقّونها”.

 

ماذا يعني هذا؟ وما المقصود بإقفال حسابات المودعين بالمرونة المطلوبة؟ وأي مرونة تتحدث عنها المصارف؟

فهي تعمد يومياً إلى إغلاق حسابات مودعين من دون وجه حق، ضاربة عرض الحائط كل القوانين والتعاميم المصرفية، والأمثلة كثيرة على مصارف أغلقت حسابات مودعيها قسراً وعمدت إلى إيداع أرصدتهم لدى كتاب العدل. ثم أي مرونة تتحدث عنها المصارف وهي تحتجز أموال المودعين وتعيدها إليهم بالتقسيط وبخسارة أكثر من 50 في المئة من قيمتها؟

 

ونظراً لكون إغلاق حسابات المودعين قسراً، بالشكل الذي تقوم به العديد من المصارف اليوم، غير قانوني، يعمد محامو رابطة الدفاع عن المودعين إلى رفع دعاوى قضائية ضد المصارف وإعادة إلزامها بفتح الحسابات، وفق ما يؤكد أحد محامي الرابطة فؤاد الدبس في حديث إلى “المدن”، وهذا ما تُثبته بعض الأحكام في الفترة الأخيرة.

 

لم توجه الجمعية مصارفها باتجاه معين وواضح، بل تركت الطابة في ملعب المصارف وأعطتها الحق بإغلاق الحسابات، لكن بالتشاور مع المودع. ومن هنا تقوم المصارف بالضغط على المودعين وتهديدهم، تحت عنوان التشاور فتغلق حساباتهم قسراً. وهناك عشرات الدعاوى في هذا الشأن.

 

العملات الطازجة

أما في ما يتعلق بالأموال الجديدة Fresh money، وكما سبق أن عمّمت الجمعية استناداً إلى تعاميم مصرف لبنان ذات الصلة، فتلتزم المصارف بحرّية أصحاب هذه الحسابات في التصرّف بها سحباً وتحويلاً بذات عملة الإيداع، بما فيها استعمال بطاقات الائتمان والتحاويل للطلاب في الخارج، من دون أيّ اقتطاع منها، باستثناء العمولات المتعارف عليها في مثل هذه العمليات المصرفية.

وهنا يسأل الدبس بأي حق تتعامل المصارف مع أموال المودعين على أنها جديدة أو غير جديدة؟ فأموال المودع حق له بصرف النظر عما إذا كانت جديدة أو مودعة مسبقاً. وفي هذا الإطار يكشف الدبس عن ممارسات خطرة تقوم بها بعض المصارف باستنسابية مع مودعيها، فتسلبهم حقهم بحرية التصرف بما تسمّيه أموال جديدة. ويسأل كيف يمكن للمصارف أن تمنّن المودعين بصرف أموالهم الجديدة أو الطازجة، في حين أن القانون يُلزمها بسداد كافة أموالهم وليس فقط الجديدة.

 

القروض

وفي ما خص القروض فقد أوردت الجمعية في بيانها أنه إنفاذاً لتعاميم مصرف لبنان، تحافظ المصارف في ما يخصّ قروض التجزئة المحرَّرة بالدولار على قبول سدادها بالليرة اللبنانية بسعر الصرف الذي تتعامل به المصارف مع مصرف لبنان. أما بالنسبة الى القروض الأخرى، فيقتضي سدادها بعملة القرض أو اعتماد سعر الصرف الذي يسمح بإعادة تكوين قيمتها من خلال شراء ما يعادلها من المصرف المركزي. طبعاً، تنتفي في هذه الحالة ضرورة عودة المصرف إلى حساب الكفيل، إن وُجد ويلتزم العميل صاحب الدين من جهته باحترام جدول السداد المتّفق عليه مع مصرفه.

 

وفي هذا البند مخالفة قانونية واضحة كانت ولا تزال تقترفها المصارف، كون الليرة اللبنانية تستمد من القانون قوتها الإبرائية ولا يمكن رفضها في التعاملات المالية، وبالتالي فالبند الأخير من بيان الجمعية مخالفة قانونية بحد ذاته، يقول الدبس، مختصراً بيان جمعية المصارف اليوم بأنه محاولة لتكريس وشرعنة الممارسات غير القانونية التي تمارسها يومياً بحق المودعين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى