هل تقود الكويت مصالحة الخليج مع لبنان؟* حمزة عليان
النشرة الدولية –
الحراك السياسي في عهد “جمهورية بايدن” يشير إلى التفاعل مع ملفات ساخنة في المنطقة، وهو ما يؤشر إلى تفاهمات قادمة مع الإيرانيين، وهذا ما ترسمه دوائر القرار الفاعلة.
والمطبخ السياسي ال#لبناني يقرأ جيداً ما يدور في محيطه، ودائماً ما يربط الانفراج بالدور الإقليمي والدولي. فهذه الساحة كانت على مدار السنوات السبعين التي مضت “مفتوحة” و”مشرعة” على نافذة الصراعات الدائرة بين الكبار وانعكاسها على الداخل وما جلبته من ويلات وحروب.
دبلوماسي خليجي مطّلع على ما يجري في لبنان والعالم، يرى أن الحظة مؤاتية اليوم للشروع ب#مصالحة لبنانية – خليجية على غرار المصالحة ا#الخليجية – الخليجية والتي تمت على يد الدبلوماسية #الكويتية، وهي مؤهلة بحكم التجارب لأن تقوم بهذا الدور لعدة أسباب:
أولا: تميزت بدور الوساطة وكانت جزءاً من ديناميتها الفاعلة والتي رسمها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على مدى السنوات الخمسين الماضية.
ثانياً: تتمتع الكويت بمصداقية عالية لدى معظم الأطراف المعنيين بالملف اللبناني، وبالأخص لدى الشقيقة الكبرى السعودية وباقي العواصم الخليجية وبما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ثالثاً: لدى الكويت رصيد واسع وكبير عند معظم القوى اللبنانية وعلى مختلف الانتماءات والتوجهات، وسبق لها أن تبنت مبادرة اللجنة السداسية العربية والتي مهدت لاتفاق الطائف، وكان عراب المبادرة واللجنة في حينها الأمير المرحوم الشيخ صباح الأحمد.
تاريخياً كانت الكويت تلعب دور الوسيط النزيه، لا سيما في الملفات الصعبة والمعقدة، فكما هو حال جغرافيتها المحاصرة بين ثلاث قوى إقليمية متنازعة الأدوار، وهي السعودية والعراق وإيران، كذلك هو حال “العقيدة” السياسية التي تحكمها باتباع سياسة التوازن بين الكبار.
تلك السياسة أضافت إلى رصيدها الخارجي وزناً متعادلاً، منحها المصداقية والثبات على حياديتها في أي ملف تعمل على الإمساك به. فالوساطات التي قامت بها في اليمن والإمارات وفي لبنان، اكتسبت قدراً كبيراً من تحقيق النجاحات، نظراً لغياب “الأجندة السياسية” و”الأثمان السياسية” التي تقف وراءها.
ففي لبنان مثلاً لم تخرج منها يوماً إشارة إلى أن الوساطة التي تقودها مشروطة “بطلبات” لا من تحت الطاولة ولا من فوقها، وقفت وضحّت في عدد من المحطات الساخنة والكبرى دون أن تحصل على ثمن سياسي أو موقع نفوذ مقابل هذا الدور.
لقد حققت انتصاراً دبلوماسياً باهراً على مستوى المصالحة القطرية – الخليجية، وهذا كان باعتراف الأفرقاء، ولم تكن بعيدة عن التشاور مع الإدارة الأميركية في عهد ترامب والتي شجعتها على المضي قدماً فيها إلى أن اكتملت، وكان ختامها في “قمة العلا” بالمملكة العربية السعودية.
اليوم تدور حوارات في الدواوين السياسية والدبلوماسية في بعض عواصم مجلس التعاون عن إمكانية دخول الكويت كطرف محايد، مقبول من كل الأفرقاء واللاعبين الإقليميين بدور الوساطة بين لبنان والخليج.
المطلعون على هذا الملف يدركون أن مفتاح البيت الخليجي بيد الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والعنوان بات معروفاً… ففي اللحظة التي تفتح فيها النافذة وتعطي إشارة البدء في المصالحة، سيكون القطار الكويتي قادراً على الوصول بالأمور إلى خواتيمها السليمة.
قد تكون لغة التفاهمات والحوارات القائمة اليوم بين إدارة بايدن والإيرانيين هي اللحظة المناسبة للعمل بالدفع نحو المصالحة الخليجية مع لبنان والبناء عليها باعتبار أن الملف اللبناني الأقل كلفة بالتنازلات بين الطرفين المتشابكين على ماعداه من ملفات ساخنة وكبيرة تحتاج إلى وقت وتفاوض وأثمان.
فهل نرى في الأفق بوادر حل سياسي من شأنه إخراج لبنان من محنته؟ أم أن إعادة الترميم تحتاج إلى ظروف سياسية أكثر نضجاً مما هو الآن، لا سيما وأن جدران الثقة تهاوت بين الدول الخليجية الكبرى وبين لبنان إلى درجة يصعب إصلاحها؟
إعلامي وباحث لبناني مقيم في الكويت