هل تكون تصفية لقمان سليم بداية برنامج حزب الله للاستيلاء على لبنان بالترهيب؟

النشرة الدولية –

دخلت جريمة اغتيال الناشط السياسي اللبناني، الشيعي المعارض لحزب الله، لقمان سليم، اليوم أسبوعها الثاني، دون أن يستجد في التحقيقات والقناعات ما يزيد عن الذي قالته شقيقته رشا الأمير، إن ”القاتل معروف، هو الذي لديه السيطرة على المنطقة (حيث قُتل لقمان)“، حسب ما نشره موقع “إرم نيوز”.

ويعتبر ذلك توصيفا للجاني يماثل يقين أصدقاء القتيل، مثل الصحفي حازم الأمين، الذي كان رأيه منذ اللحظة الأولى أن “ الجريمة معلنة، والقاتل لم يُخف وجهه، وبالتالي فإن تناوله صار من نافلة القول“.

يضيف الأمين، في تفسيره لتوقيت تنفيذ حزب الله قراره المؤجل، بالقول إن ”الجريمة معلنة والتفسيرات لن تزيد عن أن لقمان قُتل، وربما يصلح القول هنا: وأخيرا قتلوا لقمان سليم! ذاك أن الجنازة يُعد لها منذ سنوات، ووحده لقمان من كان يؤجل وقوفها على باب دار العائلة في حارة حريك، عبر صموده الاستثنائي فيها. الدار التي حولها لقمان إلى مختبر فني وبحثي قبل أن تكون موقعا سياسيا اعتراضيا في قلب جغرافيا حزب الله“.

وفي ذلك إشارة إلى أن لقمان هو ابن المحامي والنائب المعروف محسن سليم، وأنهم فضلوا البقاء في منزلهم ضمن المحيط الذي يتحكم فيه حزب الله الذي أسبغ على لقمان توليفة اتهامات تبرر قتله، بينها أنه من ”شيعة السفارات“.

حصيلة الأسبوع الأول

في غياب أي نتائج حول التحقيق، تماما كما حصل في فاجعة انفجار ميناء بيروت وقبلها الكثير من الاغتيالات، فقد شهد الأسبوع الأول على اغتيال لقمان سليم (58 سنة) فيضا من التحليلات التي حاولت القراءة في ”نوعية وتوقيت“ الحادث.

تقرير أخير كشف أن جهات دولية كانت حذرت لقمان ونصحته بمغادرة لبنان؛ لأن قرار اغتياله مأخوذ وينتظر توقيت التنفيذ.

تقرير محلي آخر رأى في درجة التبشيع بقتل لقمان، رسالة تضاف إلى تغريدة نجل أمين عام حزب الله، جواد حسن نصر الله.

وخرج نجل نصر الله عن مألوف اللياقات السياسية وغرد بالقول إن ”خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب.. بلا أسف“، ثم عاد ومسحها بدعوى أنها تعرضت لإساءة الفهم.

 

وكان التفسير الرائج لنوعية ”العدو المستهدف من طرف حزب الله“، هو أن لقمان أكثر من مجرد ناشط شيعي ينتقد حزب الله، حيث كان يعمل على تشخيص الخريطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي يعمل بها حزب الله للسيطرة الكاملة على لبنان في المرحلة القادمة.

”كان لقمان يحسن كل شيء، وتحديدا الأشياء الأكثر إيلاما“ في المعادلة اللبنانية، حسب صديقه حازم الأمين، الذي أضاف: ”كان ملفتا أن حزب الله شارك الذين أدانوا الحادث وطالبوا الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم، ومكافحة الجرائم المتنقلة في أكثر من منطقة في لبنان، وما يرافقها من استغلال سياسي وإعلامي على حساب الأمن والاستقرار الداخلي“.

وذهبت صحيفة ”النهار“ اللبنانية، في قراءة توقيت حادث الاغتيال وفي اليقين غير الموثق بمسؤولية حزب الله، لتصف ما حصل بأنه ”يقظة الترهيب“، وهي تحذر من مغبة تصفية لقمان سليم على الأوضاع السياسية في لبنان.

وقالت الصحيفة، إن مقتله ”يرسم ملامح عودة الترهيب كسلاح ووسيلة لإخماد التنوع السياسي في بلد يتخبط بكوارث متدحرجة تضعه على حافة النهايات الدراماتيكية“.

واعتبرت أن اغتياله ”نذيرا“ ليقظة الترهيب الدموي في نسخة محدثة عن حقبة الاغتيالات التي هبت أعاصيرها بين عامي 2004 و2005، وظلت حلقاتها تتصاعد في اقتناص الرموز والشخصيات الاستقلالية والسيادية حتى عام 2013.

يشار إلى أن سليم كان مؤخرا قد رفع الصوت عاليا حول جريمة المرفأ التي وقعت في 4 أغسطس، متهما النظام السوري وحزب الله بتخزين النيترات لاستخدامها في البراميل المتفجرة التي كان يرميها النظام في حربه ضد السوريين المنتفضين ضده.

وحتى صحيفة ”الأخبار“ المقربة من حزب الله، اعتبرت الاغتيال بأنه جاء ”في لحظة تستدعي طرح الأسئلة الكبرى، بشأن التوقيت والمكان والطريقة.

ورأت الصحيفة أن اغتيال سليم الذي أعاد إلى الواجهة القلق من اندلاع موجة جديدة للاغتيالات السياسية لن يقف عند حدود الجريمة الأمنية“.

وأضافت أن سليم كان يتمتع بموقع وعلاقات ونفوذ في أوساط محلية وإقليمية ودولية، مشيرة إلى أن ”المناخ السياسي الداخلي يسمح باستغلال الجريمة لأجل تسعير الخلافات، أو لاستنهاض الحملات ضد المقاومة (حزب الله) بشكل رئيسي، ولذلك شهد إعلام حزب الله ومعه قناة المنار وشبكة العالم الإيرانية، توجيها خاصا للأنظار بالترويج لاحتمالات أن تكون إسرائيل هي من تقف وراء الاغتيال.

رؤية استخبارية

موقع ”ستراتفور“ الاستخباري الأمريكي، كان واضحا في توصيف ما أراده حزب الله، حسب قناعته، من توقيت اغتيال لقمان سليم وما رافقه من رسائل.

فمركز التحليل الاستراتيجي يرى أن حزب الله سيكون في عام 2021 أكثر تركيزا داخليا على لبنان، حيث يتصارع مع التقاء فريد من الاضطرابات السياسية الكبيرة، وأزمة مالية غير مسبوقة وموجة جديدة من التحديات الاجتماعية والصحية، وهو منعطف سيكثف الاحتكاكات السياسية في لبنان ويقلل من حاجة حزب الله للعمليات الخارجية في أماكن أخرى من الشرق الأوسط.

ويرى التحليل أن حزب الله دخل منذ عام 2012، في الحرب الأهلية السورية لدعم نظام الرئيس بشار الأسد. كما ساعد الميليشيات المرتبطة بإيران في العراق، إلى جانب المتمردين الحوثيين في اليمن.

وخلال نفس الإطار الزمني، وسع حزب الله نشاطه التشغيلي في جميع أنحاء العالم إلى أوروبا الشرقية وأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا، وحتى الولايات المتحدة.

ودفعت هذه التطورات، بالإضافة إلى ضغوط واشنطن وإسرائيل، دولا من بينها: الأرجنتين وجمهورية التشيك وألمانيا وغواتيمالا وإستونيا وباراغواي وصربيا وسلوفينيا والمملكة المتحدة، على مدار العامين الماضيين، إلى تصنيف حزب الله بأكمله كمنظمة إرهابية.

وفي هذه القراءة يرى تقرير مركز ”ستراتفور“ أن مقتل لقمان سليم هو بداية مرحلة جديدة في استراتيجية حزب الله، يقلص فيها الحزب، مضطرا، نشاطه الخارجي في خدمة إيران، انتقالا إلى إحكام سيطرته على لبنان، مستغلا التطورات الانتقالية في المنطقة، وموجها رسالة بأن أحدا لن يفلت من القتل إذا ما عارض هيمنته الداخلية المطلقة، التي يستثمر فيها تداعي مؤسسات النظام.

وفي حديث لها مع نيويورك تايمز، قالت رشا شقيقة لقمان: ”لماذا يضيعون وقتهم في الذهاب بالتكهنات بنفس الدائرة المغلقة؟ . لقمان ”لم يكن الأول ولن يكون الأخير“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى