قرض البنك الدولي للبنان: أموال شهريّة للفقراء وطلاب الرسمي وروكز يقول”يجب أن يمر”

النشرة الدولية –

لبنان 24 –  نوال الأشقر

لم “يخيّب” المسؤولون اللبنانيون ظنّ البنك الدولي الذي توقّع قبل أشهر أن يصبح أكثر من نصف سكان البلاد فقراء بحلول 2021، بالفعل ها هي الغالبية العظمى من العائلات اللبنانيّة على أرض وطنها تنتظر الإعانات والإعاشات أسوة بالنازحين واللاجئين. مقاربة مؤسفة ومؤلمة في آن، ولكن لا بدّ منها في ظلّ تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار القدرة الشرائية واتساع دائرة البطالة.

وبدل أن تلجأ حكومة تصريف الأعمال إلى وقف التهريب وترشيد الدعم عبر توجيهه إلى العائلات المحتاجة فقط، ها هي تمضي بإنفاق آخر دولار من احتياط مصرف لبنان على سياسة الدعم غير المجدية.

أسهل الحلول أمام حكومة الإختصاصيين، ترك شاحنات التهريب على نشاطها، واللجوء إلى قرض البنك الدولي “لدعم شبكة الأمان الإجتماعي” بقيمة 246 مليون دولار، أي دين جديد على كاهل الشعب اللبناني. وبحجة أنّها في مرحلة تصريف أعمال لم تجد الحكومة حاجة لتجتمع وترسل القرض إلى المجلس النيابي كما تقتضي الأصول الدستورية، وهكذا فخّخت القرض بمخالفة دستورية، وأرسلته بموجب مرسوم عادي موقّع من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء المعنيين، ما أثار جدلًا كبيرًا داخل جلسة اللجان النيابية المشتركة التي إلتأمت لمناقشة إتفاقية القرض.

على المقلب الآخر لا يأبه الفقراء وما أكثرهم لتلك النقاشات، ما همّهم إذا كانت الإحالة دستورية أم لا وبطونهم خاوية، والمفارقة العجائبية أنّ ممثلي كتلة الوفاء للمقاومة راحوا يتحدثون عن أنّ آلية القرض تمسّ “بسيادة البلد وكرامة شعبه”، كونها “تفرض مصادرة مؤسسات الدولة لمصلحة برنامج الأغذية العالمي وتدخل في أدق تفاصيل تشكيل اللجان وتحديد الصلاحيات”.

“هذا القرض يجب أن يمر بصرف النظر عن التخريجة التي ستعتمد” وفق مقاربة النائب شامل روكز لـ “لبنان 24″، نظرًا للحاجة إليه في الظروف الراهنة، يضيف روكز “في الوقت نفسه لا يجب القفز فوق الأصول الدستورية، وكونه اتفاق معاهدة يجب أن يمرّ في مجلس الوزراء، وترسله الحكومة كمشروع قانون إلى المجلس النيابي، كما أنّ المعاهدات تحتاج لتوقيع رئيس الجمهورية، وهذا المشروع لم يُرسل من مجلس الوزراء وفقًا للأصول، ولكن كوننا في ظروف قاهرة يجب أن يُقر لتحصل العائلات الأشد فقرًا على مساعدات، وفي الوقت نفسه المطلوب أن لا يُعتبر إقراره إجتهادًا، كي لا يتكرر في المستقبل. وفي اعتقادي هناك ضرورات تحتّم على مجلس الوزراء الإجتماع في ظلّ حكومة تصريف أعمال لإقرار مثل هذا القرض لمساعدة العائلات المحتاجة”.

أكثر من إشكالية برزت خلال المناقشات، أبرزها أنّ البنك الدولي يولي مهمة إدارة الأموال وإيصال المساعدات إلى برنامج الأغذية العالمي، وليس لوزارة الشؤون الإجتماعية أو أيّ مؤسسة من مؤسسات الدولة، وإن كان الأمر نتيجة عدم ثقة المؤسسات الدولية بالدولة ووزاراتها، ولكن ذلك يتطلب توظيفات جديدة ورواتب تُدفع الدولار وأموال تتكبدها الدولة لبرنامج الأغذية العالمي، وكلّها تُحسم من قيمة القرض بقيمة 6% سنويًا، يوضح روكز “أنا أيضًا لدي جملة تحفّظات على أداء موظفي الدولة والهدر الحاصل، ولكنّ التوظيفات الجديدة هي أيضًا باب للهدر”.

الأهم من كل ذلك من هي الجهة المخوّلة احتساب العائلات المحتاجة، هل سيكون ذلك ضمن آلية شفّافة أم ستستنسخ تجربة الـ 400 ألف؟

في هذه النقطة تكمن الإشكالية الأبرز، وهنا يشير روكز إلى وجود أكثر من داتا للعائلات الأكثر فقرًا “في كل من وزارة الشؤون الإجتماعية، لدى القوى الأمنية، لدى الهيئة العليا للإغاثة، وفي مؤسسات أخرى، وبالتالي لا بدّ من حسم هذه المسألة، ومن تحديد الجهة أو الهيئة التي ستتولى توزيع المساعدات والداتا التي سوف تُعتمد”.

القرض بالدولار الأميركي ولكن الأموال ستصل إلى العائلات اللبنانية بالليرة اللبنانية، ووفق سعر صرف جديد هو 6240 ليرة، وهنا سجّلت كتلة اللقاء الديمقراطي اعتراضها مشدّدة على وجوب إيصال المساعدات بالدولار، كما أنّ النائب محمد الحجار سأل إلى أين ستذهب الأموال المتأتية من فرق سعر الصرف في السوق الموازي، ولكن هذه النقطة بدورها بقيت عالقة.

ونظرّا لكل هذه التساؤلات والملاحظات، أعطيت الحكومة مدّة أسبوع لتعود بأجوبة إلى اللجان النيابية المشتركة، في جلسة تعقد الثلاثاء المقبل لحسم مسألة القرض، وسط مطالبة عدد من النواب أن تعيد الحكومة التفاوض مع البنك الدولي لتعديل شروطه، وهو أمر ليس سهلًا يقول روكز “باعتقادي المفاوضات مع البنك الدولي صعبة ومتعثّرة، ويجب أن نوجد الطرق الداخلية لنسهّل الحصول على القرض، فضلا عن أنّنا لا نملك ترف الوقت ونسعى لحسم الموضوع بالسرعة الممكنة، بحيث يجب أن يكون قد أُّقر في الهيئة العامة في نهاية آذار المقبل”.

القرض عبارة عن ثلاثة أجزاء، في الجزء الأول منه ستحصل العائلات على مبلغ مالي شهري بحسب عدد أفراد الأسرة، وبما لا يتجاوز 128 دولار أي ما يوزاي 800 ألف ليرة على سعر الصرف 6240، وفي الجزء الثاني مساعدات لطلاب المدارس الرسمية، والجزء الثالث عبارة عن برامج للدعم النفسي الإجتماعي والتدريب المهني.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button