(فتح) وبقايا العرفاتية!* رجا طلب

النشرة الدولية –

على مدى خمسة عقود متواصلة نجح الراحل ياسر عرفات في تأسيس مدرسة في العمل النضالي والسياسي وتحديداً في مسالة المزاوجة الخلاقة بين ماهو تكتيكي وما هو استراتيجي مع هدف لم يغب يوماً عن ذهنه إلا وهو إقامة دولة فلسطينية وتحرير الأرض المحتلة بكل الأدوات المتاحة سياسية كانت أو عسكرية، وتعرض طوال هذه المسيرة الصعبة الى مؤامرات لا تعد ولا تحصى، وراكم تاريخاً من الحقد عليه وفي المقابل تاريخاً من المحبة والإيمان به وبنهجه، وفي كل الحالات لم يمر على الرجل يوماً واحداً امتلك فيه الراحة لأن مشروعه المشار إليه كان يتجدد في?عقله وذهنه يومياً، ومن سوء حظ فلسطين والشعب الفلسطيني أن (أبو عمار) غادر الحياة وهو في قمة الاشتباك الشرس مع الاحتلال وفي ذروة التحول من «مشروع أوسلو» إلى مشروع التحرير والدولة ولربما لو بقى لكان قد وضع شعبه على حافة استقلال حقيقي.

كان المحتل يدرك ذلك ويدرك خطورة بقاء الرجل أياماً إضافية لأنها كانت بمثابة خطوات ثابتة نحو لحظة التحرر.

بعد عام من غياب طائر الفنيق أحس المحتل بالقيمة المضافة من غياب الرجل ومدى نجاحه في إحلال نظام سياسي جديد أبرز سماته «الواقعية المجحفة» التي ترى في التعايش معه نهجاً بديلاً للنهج التصادمي، وإفرز النهج البديل سلطة مغايرة و«فتحاً» جديدة جرى اكتشاف ضعفها وغياب الرؤية لديها بعد انتخابات عام 2006 وبعد الانقلاب عليها في غزة عام 2007 وهو الانقلاب الذي مازال يدمي المشروع الوطني الفلسطيني والذي يراد ترميمه اليوم بالقفز في الهواء عبر انتخابات تشارك فيها (حماس) دون أدنى توافق حقيقي على برنامج وطني مشترك حاضراً أو مستق?لاً، أغلب الظن أن نتائجها لن تكون لصالح فتح في تكرار وربما أكثر سوءاً مما جرى في عام 2006، حيث تدخل الحركة معركة الانتخابات التشريعية القادمة منهكة من ثلاثة عوارض «صحية» تشكل خطورة حقيقية على قوتها وقيادتها للعمل الوطني الفلسطيني، وأول عارض من هذه العوارض هو غياب النهج الواضح تجاه الاحتلال وكيفية التعامل معه بعد موت (اوسلو) وفشل ما سمي بعملية السلام، أما العارض الثاني فهو غياب الحالة الديمقراطية داخل الحركة بصورة كبيرة وجعلها تبدو تماماً كحزب حاكم بزعيم خالد على غرار ما كان موجوداً في العقود الماضية في الع?لم العربي، أما العارض الثالث فهو نتيجة مباشرة للعارضين الأوليين ألا وهو احتدام الخلافات بين اعضاء القيادة في الصف الأول والثاني والابتعاد إلى درجة كبيرة عن نبض الشارع وبروز نمط جديد من الزعامات الفتحاوية السياسية والأمنية التي اعتنقت وبإخلاص عقيدة التعايش والواقعية المجحفة.

بخروج ناصر القدوة عن قرار اللجنة المركزية وتشكيله قائمة خاصة تدخل (فتح) مرحلة جديدة من أزمتها ربما تقود نحو حالة من التغيير والتجديد أو حالة من العجز الشديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى