الخيار الصعب أمام مصر والسودان.. أزمة سد النهضة* طايل الضامن
النشرة الدولية –
الرأي –
لو تخيلنا واقعاً من الممكن جداً أن يحدث، بأن يجف نهر النيل الأزرق لمدة شهرين في السودان ويلحق ضرراً بالغاً بأكثر من عشرين مليون مواطن، وأن يتناقص مخزون مياه بحيرة ناصر وتنحسر دون تعويض، وتلحق ضرراً كبيراً في مصر، ماذا يمكن أن يحدث..؟ وماذا يمكن أن تفعل القاهرة والخرطوم إزاء هذا الخطر القادم..؟.
إن إعلان أثيوبيا عزمها على المضي قدماً بملء المرحلة الثانية لسد النهضة في شهر تموز المقبل، ورفضها تدويل القضية في عدم قبولها المقترح المصري والسوداني بتشكيل لجنة رباعية دولية تشمل الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والولايات المتحدة للوساطة في مفاوضات السد، يؤشر إلى تعقيد حلول القضية، وفتحها على احتمالات متعددة، والتي تأتي تحت عنوان تهديد مصيري لمستقبل السودان ومصر.
جاءت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الخرطوم السبت الماضي في غاية الأهمية نتيجة الظروف المحيطة في منطقة الشرق الأفريقي، التي تعيش قضايا أمنية حدودية وداخلية، على رأسها ملف سد النهضة.
عززت زيارة السيسي الى الخرطوم تقارب المواقف بين مصر والسودان، والدخول في اتفاقيات تعاون عسكري وتنسيق متكامل بين البلدين حول أهم الملفات حساسية.
الساسة في البلدين، أعلنوا عن خيار الحل السلمي لملف سد النهضة، وضرورة إيجاد حل يرضي جميع الاطراف، دولة المنبع ودولتي المصب، بما لا يؤثر على حصة أي منهم المائية.
إلا أن المثير للقلق، أن الرد الاثيوبي على العرض المصري السوداني جاء سريعاً برفض تدويل القضية والرجوع إلى مبادئ اتفاق عام 2015، الذي ينص على: «تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول أو رئيس الحكومة».
واضح أن الاتفاق أسقط صراحة الحل الدولي، وتدويل القضية، وهو ما تتمسك به أديس أبابا اليوم، وتصر عليه، وتعلن مضيها قدما في تنفيذ المرحلة الثانية من ملء السد.
كنا قد كتبنا قبل عام، مقالاً عن ذات الأزمة عندما قررت أديس أبابا ملء المرحلة الأولى من السد، وحدث حراك سياسي، انتهى أخيراً بفرض الامر الواقع في ملء السد، واليوم وفي ذات الشهر آذار نعيش نفس الحراك الذي يبدو أنه سينتهي للأسف الى ملء المرحلة الثانية من السد ويصبح أمراً واقعاً.
ولكن لماذا..؟، أسباب معروفة، وهي نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعيشها مصر والسودان نتيجة الثورات الداخلية وانشغالها بها، ونتيجة وقوف دول كبرى من تحت الطاولة خلف أديس أبابا في حجب مياه النيل عن دولتي المصب.
فاليوم، أمام هذا التحدي، فإذا لم ينجح خيار التفاوض، فلا خيار أمام البلدين إلا الحل العسكري، وعليهما أن يلوحا به جدياً وأن يكون خياراً مطروحاً، لمنع المرحلة الثانية لملء السد من خلال ضربة جوية دقيقة.. ولكن هل ستفعل مصر والسودان ذلك؟!.