أولاً وأخيراً: لا تقربوا «صندوق الأجيال»* مشاري ملفي المطرقّة
النشرة الدولية –
في ظل احتدام الأزمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي عطلت تشكيل الحكومة الجديدة وأدت إلى تأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة شهراً جاء مشروع قانون سحب 5 مليارات دينار من صندوق الأجيال لسد العجز في الميزانية الذي سيصل إلى 55.4 مليار دينار في السنوات الخمس المقبلة ليزيد الوضع اشتعالاً ويثير الغضب النيابي والشعبي، فالكويت دولة غنية ووصولها إلى هذا التراجع الاقتصادي وتعرضها لنقص السيولة النقدية وعدم القدرة على دفع الرواتب والدعوم يفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات تتعلق بالمسؤول عن هذه الحالة المزرية، ولماذا ترك الأمر ليصل إلى هذه المرحلة؟ ولماذا لا تفكر الحكومة خارج الصندوق وتبحث عن حلول أخرى غير أموال الأجيال القادمة؟
وفي الحقيقة مشروع الحكومة لسحب المليارات سنوياً من صندوق الأجيال يجعلها في مرمى الانتقاد، ويعزز وجهة نظر الذين يتهمونها بالتخبط وعدم امتلاكها رؤية واضحة تدير بها البلاد، ليس في الشأن الاقتصادي فحسب إنما في الشأن الصحي أيضاً بعد أن اتخذت قراراً بالسماح بعودة الوافدين، ثم ألغته بعد ساعات قليلة، فالحكومة إذاً تمنح منتقديها المجال ليقولوا عنها ما يريدون، فهي تتعامل مع الأحداث الهامة بشكل سطحي وعشوائي وبمعالجات وقتية ومتسرعة وغير مدروسة، فالأولى بها أن تحارب الهدر المالي في وزاراتها ومؤسساتها وتسترد الأموال المنهوبة من الفاسدين الذين أنهكوا البلاد.
والأسئلة المهمة التي تطرح نفسها هنا: إذا كانت الحكومة تدرك تماماً أن مشروع قانونها بسحب 5 مليارات دينار سنوياً من صندوق الأجيال سيرفض في مجلس الأمة، فلماذا تقدمت به؟ ولماذا تزيد الغضب تجاهها؟ ولماذا لا تبحث عن حلول مقبولة لمشاكل البلاد؟ ولماذا لا تستعين بالخبراء والمختصين من الداخل والخارج ليرشدوها إلى الطريق الصواب؟
إن الحكومة تعرف أنها ستواجه رفضاً نيابياً وشعبياً ولن يسمح لها بالاقتراب من ثروة الأجيال القادمة، وإن سوء إدارة الجيل الحالي والمسؤولين فيه على مدى سنوات طويلة يجب ألا يتحمله أبناء المستقبل خصوصاً في ظل تراجع أسعار النفط وعدم قدرة الحكومة على إيجاد مصادر دخل أخرى بديلة.
الحكومة مطالبة بمراجعة سياساتها وتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية من خلال خطط مدروسة لا تعتمد على المساس برواتب المواطنين أو فرض ضرائب عليهم، إنما من خلال الاستفادة من أموال الكويت باستثمارات في الداخل والخارج، وترشيد الإنفاق الحكومي ومراجعة المساعدات الخارجية التي ينفق عليها المليارات سنوياً، فالكويتي أولى بأمواله، وما ينقصنا هو الإدارة الجيدة والتخطيط السليم ومحاربة المفسدين والعمل لمصلحة الكويت لا مصلحة أشخاص.