كيف رسم “كورونا” السياسة الداخلية الأميركية؟

النشرة الدولية –

قبل عام من اليوم، وفي 11 آذار 2020، كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام فرصة حقيقية للسعي من أجل إعادة انتخابه، وكان السيناتور المستقل بيرني ساندرز، لا يزال يحتفظ بفرصة أن يصبح المرشح الديمقراطي للرئاسة، وفق “سكاي نيوز”.

وقتها كان معدل البطالة في البلاد أقل من 4 بالمئة، لكن منظمة الصحة العالمية أعلنت فيروس كورونا جائحة عالمية، فيما تم إعلان حالة الطوارئ الوطنية في الولايات المتحدة بعد يومين، لتنقلب الأحوال رأسا على عقب.

واليوم أصبح ترامب متقاعدا يعيش في فلوريدا، وجاء الرئيس جو بايدن في وقت لا يزال الأميركيون يصارعون أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع معدل البطالة إلى ما يقرب من 15 بالمئة.

رغم فوز الديمقراطي المريح في التصويت الشعبي، فإن فوزه بالهيئة الانتخابية كان أكثر صعوبة، فلو ذهبت ولايات أريزونا وجورجيا وويسكونسن، التي فاز فيها بايدن بأقل من نقطة مئوية واحدة، في الاتجاه الآخر، لكان عدد الأصوات الانتخابية مقسما بالتساوي بين المرشحَيْن.

ومن الصعب إثبات أن ترامب، وفي غياب جائحة “كوفيد 19″، لم يكن قادرا على إحراز ما يكفي من الأصوات للفوز في تلك الولايات، وفق صحيفة “ذا هيل” الأميركية التي نقلت عن خبير استطلاعات الرأي الجمهوري دافيد وينستون، قوله إنه “من المؤكد أن الوضع الاقتصادي ومعدل البطالة المنخفض كانا سيصبان في مصلحة” ترامب، بغياب الجائحة.

يمكن القول إن “كوفيد 19” ساعد بايدن في تحقيق فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، إذ إنه وقبل عام من اليوم كان قد انتقل إلى موقع المرشح الأوفر حظا قبل إعلان الإغلاق الوطني الفعلي، وفاز في الانتخابات التمهيدية الحاسمة في ساوث كارولينا يوم 29 شباط، وسيطر على الثلاثاء الكبير يوم 3 آذار.

ولم يتمكن ساندرز، الذي اعتمد على التجمعات الجماهيرية لإيصال صوته، من العودة في الانتخابات التمهيدية، إذ قلص المترشحون آنذاك مشاركاتهم الجماهيرية، قبل أن يوقفوها كليا.

 

تأثير الجائحة والإغلاقات المرتبطة بها، كان أكثر عمقا على حملة ترامب الانتخابية، فقد أظهر استطلاع رأي نشرته مؤسسة “ريل كلير بوليتيكس” يوم 11 آذار من العام الماضي، في الولايات المتأرجحة التي لعبت لاحقا دورا كبيرا في حسم نتائج الانتخابات، تخلف ترامب عن بايدن بهامش صغير قدره 2.6 نقطة مئوية، لكن هذا الفارق تضاعف خلال 3 أشهر ليصبح 5.4 نقطة مئوية.

الجائحة واستجابة الرئيس الأميركي السابق، الذي دأب على التقليل من مخاطرها ثم تحدث في نيسان عن مقترح لحقن المرضى بالمعقمات، صعَّبت عليه إمكانية تقليل الفارق مع منافسه، وبحلول 11 أيار تراجع رضا الناخبين الأميركيين على أداء ترامب بشأن الوظائف، نحو 15 نقطة مئوية.

ولم تتم الموافقة على أول لقاح ضد “كوفيد 19” للاستخدام في حالات الطوارئ في الولايات المتحدة حتى منتصف كانون الأول، وفي ذلك التاريخ كان ترامب في نهاية فترته الرئاسية.

وبإمكان بايدن اليوم أن يجني مكاسب سياسية من تعافي الولايات المتحدة من الجائحة، في حال مواصلة التقدم الذي تحرزه إدارته في إيامها الأولى، وقد تعهد مؤخرا بتوفير ما يكفي من اللقاحات لكل أميركي بالغ بحلول نهاية أيار المقبل.

ويتمتع الرئيس الأميركي بمعدلات موافقة جيدة على استجابته لأزمة فيروس كورونا، في استطلاع أجرته مجلة “إيكونوميست” بالتعاون مع مؤسسة “يو غوف” خلال الفترة من 27 شباط إلى 2 آذار، ونال تعامله مع الجائحة رضا 52 بالمئة من الراشدين، مقابل رفض 35 بالمئة.

خطة بايدن لإنعاش الاقتصاد والحد من تبعات الجائحة البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار، التي مررها مجلس النواب الأربعاء وسيوقعها الرئيس الأميركي الجمعة، تحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور، ويراها ديمقراطيون تقدميون “استجابة منصفة قدمتها إدارة بايدن إلى الأميركيين”، في حين يحذر وسطيون من مخاطرها على تفاقم التضخم الاقتصادي.

لكن المؤكد أن العام الأول من جائحة فيروس كورونا المستجد، أحدث تغييرات هائلة في حياة الأميركيين، وفي عالم السياسة داخل الولايات المتحدة، وستظل ذكرى الشهور الماضية محفورة في أذهانهم كبقية شعوب الأرض، مدى الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button