بايدن يدعو للاحتفال بيوم 4 يوليو بلا كورونا* د. مرح البقاعي

النشرة الدولية –

أقرّ الكونغرس خطة الإنقاذ التي أطلقها الرئيس جو بايدن من أجل دعم الشعب الأميركي في تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي حلّت بالولايات المتحدة إثر جائحة فايروس كورونا.

وفي الذكرى السنوية الأولى لإعلان منظمة الصحة العالمية رسمياً عن الجائحة، خاطب بايدن الشعب الأميركي من البيت الأبيض معلناً انطلاق خطة الإنقاذ مدعّمة بمبلغ 1.9 تريليون دولار، وهو أعلى رقم في تاريخ الإنفاق الأميركي على خطة وطنية منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الفائت.

الاستقبال الشعبي الأميركي للخطة بدا مرحّباً بعد أن تعطلت الأعمال الصغيرة التي هي عماد الاقتصاد الأميركي والحامل المالي للطبقة الوسطى العريضة في المجتمع، بينما وقف الجمهوريون في الكونغرس بأغلبيتهم موقف المعارض لهذه الخطة بسبب الرقم العالي جداً الذي طرحته، وقدموا بديلاً للرئيس بايدن لم يلق قبولاً من طرفه أو من طرف الديمقراطيين في مجلس النواب.

يأتي خطاب بايدن ليبث شحنة من الأمل بعد عام مظلم قضته الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة كوفيد – 19 وقد وصل عدد ضحاياه إلى ما يتجاوز النصف مليون أميركي في نسبة متصاعدة يومياً تقدمت فيها الولايات المتحدة على دول العالم كافة في عدد الإصابات والوفيات.

وللأسف الشديد لم تتمكن خلية الأزمة التي شكلها الرئيس الأسبق دونالد ترامب لمواجهة الجائحة من أن تتفهم طبيعة هذا الفايروس الطارئ أو أن تضع الخطط اللازمة في وقت مبكر لتفادي الخسائر الهائلة في الأرواح والإمكانات. فمعظم المدارس مغلقة منذ عام، الأمر الذي أفقد الملايين من الطلاب سنة من عمرهم الدراسي. والأعمال الصغيرة تأثرت بشكل كبير وأفلس معظمها ما أدى إلى إصابة الاقتصاد في “عموده الفقري” كما عبّر بايدن في خطابه.

الأمل الذي حمله الخطاب يأتي من قلب الألم والاكتئاب المجتمعيين اللذين سببتهما الجائحة. لم يستطع رئيس خلية الأزمة، الدكتور أنتوني فاوتشي، من إعطاء إجابات ناجعة عن كيفية احتواء العدوى بل أعلن منذ البدايات أن أياماً قاتمة قادمة على الأميركيين وأن نسبة الخسارة في الأرواح قد تصل إلى مليوني ضحية أميركية، الأمر الذي كان صادماً للجميع وأدى إلى انكماش الناس في بيوتهم واعتزال الاختلاط في الأماكن العامة إلا في حال الضرورة القصوى.

ولم يتم الوصول إلى بروتوكول واضح لمنع العدوى إلا بعد أشهر من التردد حول ضرورة ارتداء الأقنعة الواقية من عدمها؛ حتى أن الشارع السياسي انقسم على هذا الأمر، فأنصار الرئيس الأسبق ترامب كانوا يرفضون ارتداءها ولا يتبعون قواعد التباعد الاجتماعي، بينما أصر الديمقراطيون في الضفة السياسية الأخرى على أن يظهروا بأقنعتهم باستمرار، وكأن هذه الأقنعة غدت من سمات مرحلة الانتقال السياسي المضطربة بين عهديّ ترامب وبايدن.

وعد الرئيس بايدن في خطابه بأن يكون كل البالغين من المواطنين قادرين على الوصول إلى اللقاحات المضادة لكوفيد – 19 قبل نهاية شهر مايو القادم، وأنهم في حينها سيصبحون قادرين على الاحتفال بيوم الاستقال الأميركي الذي يصادف الرابع من شهر يوليو، وأن يجتمعوا مع أحبائهم في الساحات والحدائق دون أقنعة بل وسيعانقون بعضهم بعضاً بعد حرمان طويل من حرارة التلاقي الاجتماعي. والغاية المباشرة من استعمال هذا التاريخ الوطني الأهم في حياة الأميركيين هو بعث روح من التفاؤل وحث المترددين من الأميركيين الذين لا يرغبون بتلقي اللقاح على العدول عن رأيهم من أجل أن يعود الجميع إلى الحياة الطبيعية.

وبين لغة التقليل من أخطار كوفيد – 19 في بداية انتشاره والغموض الطبي الذي أحاط بالفايروس وتحولاته بسبب طبيعته المستجدة، وبين التشدد والتخويف منه الذي وصل إلى مرحلة الترهيب من الجائحة وآثارها، يقف الرئيس بايدن ليتحدّث عن خلطة من التفاؤل والواقعية. فما يحتاجه الناس اليوم هو المزيد من الدعم المعنوي بالدرجة الأولى لتجاوز حالة العزلة التي يعيشونها وخوفهم من المجهول وما يترتب عليهما من آثار نفسية خطيرة قد تلازم المتضررين منها لفترات ليست بالقصيرة. ومن هنا تأتي محاولة بايدن ربط التعافي العام المرتقب إثر اللقاحات بحدث سنوي مبهج في حياة الأميركيين هو عيد الاستقلال الوطني.

لم يفت الرئيس بايدن أن يعلن في خطابه عن استيائه ورفضه للاعتداءات التي تعرّض لها أميركيون من أصل آسيوي من متطرفين أساؤوا لمجتمعهم بربطهم مسببات انتشار الفايروس الذي انطلق من الصين بأصول أفراد هم أبناء المجتمع الأميركي عينه الذي أصيب بالفايروس، وقد دفعوا ككل الأميركيين أثماناً غالية بفقدانهم لأحبتهم.

وجاءت التفاتة بايدن هذه لتحضّ على الوحدة الوطنية التي تأثرت بشكل واسع نتيجة الأحداث التي رافقت انتقال السلطة في واشنطن، ولتؤكد على رفضه القاطع للتصرفات العنصرية الشاذة التي لا تمت بصلة إلى الروح الأميركية الأصيلة والمجتمع الأميركي بقيمه وتقاليده وأدبيات دستوره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى