جبران لم نعد نسمعك… البلد “معروض للإيجار”!!* حمزة عليان

النشرة الدولية –

كثيراً ما يواجهني السؤال من أهل الكويت وعدد من الخليجيين، ماذا حدث لكم؟ ولماذا هذا السقوط؟ وهل سيعود لبنان الذي نعرفه أم نفقد الأمل؟

أنقل، بتصرّف، حواراً جرى بين سيّدة كويتية وأخرى لبنانية، تلقّيته من صديق يعشق لبنان. تخاطب السيدة الكويتية رفيقتها من لبنان: “هل تعيروننا يا أهل لبنان نحن الكويتيين بلدكم عاماً واحداً فقط، نديره ونعيده إليكم. وعهداً على رقابنا، عهد شرف أن نعيد جوهرة الشرق، ألماسة تتلألأ يجثو العالم لرضاها”. لا شكّ بأنّ هذه السيدة تحمل عاطفة جيّاشة في قلبها تجاه لبنان، وهناك آلاف يشاطرونها تلك المشاعر الصادقة… إذا تجاوزنا العاطفة ووضعنا الكلام المتداول في الشارع الكويتي والخليجي على الطاولة.

سنرى “صورتنا” المعروضة للبيع أو للإيجار… باعتبار أنّ من يدير هذا البلد قاصر وعاجز وساقط في أوحال الفساد والمناكفات والهرطقات السياسية الفارغة. تلك الصورة اليوم تراها معكوسة مئة وستين درجة في عيون أهل الخليج عندما يطالعون ويتابعون مسلسل السقوط، والانهيار في الأخلاق السياسية وفي إدارة البلد، الذي لم يعد له سقف يحدّه أو يحميه.

بتنا أمثولة “للديموقراطية العرجاء” التي نتغنّى بها. فاليوم في لبنان، يعايَرُ أولئك المطالبون بحكم ديموقراطي وهم يقولون: انظروا ماذا حصل في هذا البلد وبديموقراطيته؟ هل تريدون أن تصبحوا مثلهم؟ والأغرب أنّ قادتهم السياسيين لا يزالون يتقاتلون على وزير محسوب على الرئيس أو ثلث معطّل بيد طائفة أو زعيم، بينما سقطت كلّ الخطوط الحمر التي جعلت من لبنان “بلداً” لا “دولة”.

أصبحنا “فرجة” وباباً “للمسخرة” السياسية بديموقراطية مزيّفة، أوصلت البلاد إلى مرحلة الجوع والفقر والمذلّة، بعدما كان الجميع في الخليج والعالم العربي يحسدونه للحريات التي ينعم بها، والغنى والبحبوحة التي يعيشها الشعب اللبناني، وصورته الزاهية بنظامه السياسي الغابر.

ليس من المرجّح، بل هو بحكم اليقين، أن يذهب البلد إلى وضع اقتصادي ومعيشيّ أكثر سوءاً من الآن، ما دام يدارُ ضمن عقلية “العشيرة والقبيلة”، وعلى طريقة “ناقرني حتى ناقرك” كما في اللهجة الدارجة.

لقد وصلت الموسى إلى الذقن، بعدما خرج قائد الجيش ولأول مرة بتاريخ لبنان عن صمته ودقّ ناقوس الخطر. فالمسألة تخطّت حدود الدولار، بل تتصل في صميم وجود لبنان كدولة، وإذا أصاب الوباء القلب فلن يعود بإمكاننا إصلاح الجسد.

رفقاً بنا يا جبران خليل جبران، ألم تكن أنت القائل “إنّ المعدة الجائعة لا تستطيع هضم النصائح الأدبية والكلمات الخالدة، إذا غنيت للجائع، سمعك بمعدته”. حقاً لم نعد نسمعك!’

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button