“قهوة …فهيم” كانت مركز لبوتقة من الشعراء والأدباء وأصحاب الصحف والمحررين

النشرة الدولية –

(مركز النهوض)

كانت تسمية “المقهى” أو “القهوة” بالتعبير المحكي مع تلطيف القاف “أهوة” قد استوحيت من عنصر الضيافة الأهم في طرابلس، فإن خصوصية مقاهي طرابلس عرفت تحولاً مستمراً لقرون طويلة. انطلق هذا التحول منذ اتخاذ بياع القهوة الجوال “القهوجي” ركناً في الحيّ الشعبي يفرشه بكراسٍ خشبية ليستقبل زبائنه من المارة، ولن ينتهي عند مفهوم المقهى العصري المتعارف عليه. ولم تستثنِ هذه العصرنة مقاهي طرابلس التراثية المنتشرة في باب الرمل ووسط المدينة.

يقع مقهى فهيم قبالة ساحة التل، وقد حل محل البنك العثماني عام 1906، وفوقه قصر مصطفى عز الدين الذي كان يقصد المقهى، ويجلس ليتسامر والمرحوم فهيم آغا.

وكان رواد المقهى ينتقلون عبر الترامواي الذي كانت تجرّه الأحصنة بين طرابلس والميناء.

وشكّل مقهى فهيم ملتقى لعائلات المدينة وكبار شخصياتها، وكان لكل مجموعة منهم زاوية خاصة به.

إزدهرت أعمال المقهى حتى حلت الحرب الأهلية اللبنانية في مطلع السبعينيات، واجتمعت فيه بوتقة من الشعراء والأدباء وأصحاب الصحف والمحررين، وكان هذا المكان بالنسبة إليهم المركز الدائم قبل الظهر وبعده.

كان مقهى فهيم ملتقى الذوات في البلد، وفيه عرفنا قصصا عديدة في الادب الشعبي الطرابلسي وبطولات عديد من أبنائها، مثل قصة عائشة البشناتية التي حاربت المستعمر، وفوزي القاوقجي الذي ترك البلد وكان له بصمة في كل الثورات العربية”.

وتطلق الروايات على أحد المقاهي اسم “خبيني” باعتقاد الكثيرين أنه كان ملجأً لأحد الفارين من الشرطة فطلب من الجالسين الذين اكتظ بهم المكان أن يفسحوا له المجال للحماية والتواري عن الأنظار.

وعن نشاط السياسة أيام الانتداب الفرنسي داخل مقاهي طرابلس،  قد يستحوذ السياسي على المقهى فيصبح مكاناً مفضلاً للقاءاته، فيسودّ سجلّ المقهى إذا كان السياسي معارضاً، وعندها قد يصبح المقهى عرضة لهجوم مباشر من السلطة وعناصر شرطتها وأجهزته المخابراتية، في إشارة الى ما نشرته جريدة “الرائد” في العام 1936 “… وعاد رجال الشرطة فهاجموا قهوة فهيم آغا التي احتمى بها بعض الناس خوفاً من التعرض لرجال الشرطة أو رصاصهم ففرقوا المجتمعين بالقوة وبعثروا الكراسي والطاولات وتحطم الكثير منها”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى