قصة واقعية… بالعاميّة!* سارة المكيمي

النشرة الدولية –

نورة ومساعد توءم، نورة أكبر من مساعد بـ3 دقائق فقط! عاشا في عايلة تقليدية متوسطة الدخل الأب بالجيش والأم معلمة، الكويت رعتهم ودرستهم وعالجتهم بالضبط نفس الشي، بس اكبروا ووصلوا لي الجامعة عايشت نورة أول لمحات التمييز.

يبون يدخلون نفس الجامعة نفس التخصص، نورة اطلبوا منها معدل أكثر من مساعد للقبول في نفس التخصص، مع إن كان معدلها أكثر من مساعد ونورة انحرمت من حلمها واضطرت تدخل تخصص ثاني ما كان اختيارها الأول!

تخرجوا من الجامعة، نورة اشتغلت ومساعد اشتغل، وعلى الرغم من انهم اثنينهم مهندسين على اختلاف التخصص، إلا أن نورة كان راتبها أقل بشوية من مساعد لأنها ممنوعة من العمل في المواقع البعيدة كونها بنت والقانون يمنع!

مساعد حب بنت هندية كانت تشتغل معاه، مهندسة جميلة ومن عايلة محترمة اسمها كيلاني، نورة حبت مهندس بريطاني يشتغل معاها بنفس الشركة، مسلم وذو خلق يحترمها ويقدرها وحالته المادية جيدة اسمه دانيال، والأم والأب باركوا الزيجتين.

مساعد زاد معاشة علاوة الزوجية وبدل الإيجار وبعد سنة 50 دينار على كل طفل وقدم على بيت، ونورة لا علاوة زوجية ولا بدل ايجار ولا علاوة للأبناء ولا يحق لها التقديم على رعاية سكنية من الأساس.

كيلاني تجنست بعد 5 سنين من ولادة أول طفل وزاد معاشها لأنها كويتية وادخلت في منظومة التأمينات الاجتماعية وبعد 9 سنين صار عندها بيت في الكويت تملك نصه. نورة أنجبت 3 أطفال ودانيال وافد إقامته على الشركة، وأبناءها وافدين تروح بشكل دوري تطلب لهم إقامة ما تتعدى صلاحية جوازاتهم! وإذا سافرت معاهم اي مكان لازم ما يطولون برا أكثر من 6 شهور عشان ما تنلغي إقاماتهم وتدخل في دوامة طلب إقامات جديدة! وإذا حصل وسقطت إقاماتهم برا لازم تسويلهم فحص طبي عن الأمراض السارية عشان يعطونهم إقامة جديدة!

عيال مساعد وكيلاني يسافرون ويرجعون وبضغطة زر وحدة تتجدد بطايقهم المدنية، وبرحلة وحدة تتجدد جوازاتهم ويبقون خارج الكويت متى شاؤوا ويرجعون متى رغبوا! كيلاني نفسها تسافر وترجع ولا تحاتي إقامة ولا تجديد جواز بينما دانيال يحاتي ويتوجس ويحتاط!

نورة عاشت في شقة 16 سنة تدفع أجارها من راتبها الأساسي بلا علاوات، ولكن دانيال ورث مبلغ محترم من جده وقرروا يشترون بيت في الكويت. دانيال دفع ما وراه ودونه من ورث وفلوس موفرها على مدى سنوات وحط البيت باسم نورة لأنه وافد لا يجوز له تملك عقار في الكويت.

نورة عاشت سنين خايفة من اليوم اللي تتوفى فيه، ويضطر دانيال يبيع البيت اللي شاريه من حر ماله خلال سنة ويعيش هو وعيال نورة بالأجار، واذا تقاعد دانيال بعد وفاة زوجته منو راح يكفله ويكفل عيال نورة عشان يعيشون في الكويت اللي كانت ومازالت بلدهم اللي متربين فيها؟

معقولة بعد كل هالخدمة في الكويت، وارتباط عياله فيها كبلد ووطن وبيت وأم، ما يلاقون كفيل يكفل لهم إقامتهم في البلد الوحيد اللي اعرفوه وارتبطوا فيه؟ معقولة يترحلون من الكويت؟

كيلاني ورثت البيت بعد عين مساعد وعاشت فيه لين توفت. لا خافت من تشريد عيالها، ولا تشتيت اسرتها، ولا كفيل ولا ترحيل. كيلاني الهندية عاشت حياة مرتاحة ما فيها لا خوف ولا كوابيس، بينما نورة الكويتية عاشت حياتها في كدر وحيرة وإقامات وكابوس تشتيت عيالها وزوجها بعد عينها.

وطن مساعد عطاه حقوق يعيّش زوجته مهما كانت وعياله حياة مريحة آمنة مطمئنة طول حياتهم فقط لأنه رجل! ووطن نورة حرمها من نفس الحقوق اللي تعيّش زوجها مهما كان وعيالها حياة مريحة آمنة مطمئنة طول حياتهم فقط لأنها امرأة. هذا الوطن نفسه اللي يستمد قوانينه من الدستور، اللي فيه مادة عظيمة تقول: “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات العامة ولا يجوز التمييز بينهم بسبب اللغة أو الدين أو الأصل أو الجنس”.

كل التمييز والحرمان والذل والمهانة والخوف والكوابيس، لأن هذا الوطن يضع قوانين تخالف مادة العدل العظيمة اللي في الدستور. وإذا كانت هذي القوانين تخالف الدستور، إذن هي قوانين غير دستورية يجب تغييرها بما يضمن الكرامة الإنسانية والحقوق للمرأة والرجل على حد سواء.

عشان بالنهاية، نورة ومساعد يعيشون آمنين مطمئنين بأسرهم المستقرة في الوطن اللي اختاروه. وهذا هو العدل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button