“خان الخياطين” في طرابلس (مرفق صور)
النشرة الدولية –
(مركز النهوض)
تشتهر مدينة طرابلس شمال لبنان بغناها التاريخي، و تنتشر في كل أنحاء المدينة القديمة آثار تعود لعدة حقب وأشهرها الحقبة المملوكية التي استمرت طوال قرنين وربع القرن من الزمن، أنشئ خلالها عشرات المساجد والمدارس، والزوايا، والتكايا، أهنئ والخوانق، والربط، والحمامات، والخانات، والقياسر، والطواحين.
الخانات مثال حي
يتنشر في أنحاء المدينة عدد من الخانات التي كانت تعتبر موقع لبيع وشراء البضائع وتخزينها، وهي ما يبيّن الأهمية الاقتصادية للمدينة، ويُعتبر خان الخياطين مثال حي لتلك العملية. فبالرغم من التطور الذي لحق بمهنة الخياطة، لا زال” الخان” يحوي عدد من الخياطين الذين يمارسون مهنتهم بالرغم من الصعوبات التي لحقت بهم.
يمتلك خان الخياطين، حضورا مميزا في طرابلس، فهو عبارة عن سوق كبير، متخصص بالخياطة والأزياء الطرابلسية والوطنية والعربية، وما يميزه عن تصاميم الخانات الأخرى، شارعه الطويل المسقوف، والذي تتوزع على جانبيه الدكاكين والحوانيت التي تعنى بكل ما يتعلق بمهنة الخياطة تقليداً وتراثاً.
بالرغم من ان اثار طرابلس، حازت مجالاً واسعاً في البحث العلمي، الا أنه لا يوجد أية وثيقة تاريخية تحدد تاريخ بناء هذا الخان، لكن وبحسب مديرية الآثار، وعدد من المؤرخين الطرابلسيين، أشاروا الى ان بناءه يعود الى القرون الوسطى، كذلك وجدوا عند المدخل الغربي “عامودين وتاجين”، يعودان إلى العصر البيزنطي، أو ما يعرف بالعصور القديمة، أي أكثر من ألف سنة تقريباً. وفيما تذكر الروايات، عن بعض المؤرخين الصليبيين أن “طرابلس عندما سقطت في أيدي الصليبيين، كان فيها أكثر من أربعة آلاف عامل يعملون فقط في حياكة النسيج الذي يستخرجونه من دود القز، التي اشتهرت المدينة في صناعته”. ومع دخول المماليك الى طرابلس، في القرن الرابع عشر ميلاديا، حرصوا على إيجاد خان خاص للخياطين في المدينة بهدف الحفاظ على الصناعة، لما وجدوا في مهنة الخياطة وصناعة النسيج، من أهمية على الصعيد التجاري والاقتصادي، وهم ارادوا، أي المماليك، ان يكون خان الخياطين مكانا لممارسة مهنة الخياطة والتجارة، فتركزت أعمال الخياطة وعرض الأقمشة والألبسة العربية في الطابق الأرضي، بينما كان يستخدم الطابق العلوي كفندق للنزلاء.
صمم خان الخياطين ليتسع ويستوعب أكبر عدد عدد ممكن من التجار والزوار، فأنشئ له مدخلان رئيسيان لهما بابان من الخشب، وتعلوه قناطر بيضاء اللون، ولا تزال الأبواب الخشبية تزين كل محلاته وحوانيته، التي تصطف بطريقة منتظمة داخل ممر طويل من الحجر الأثري. وهو لا يزال حتى اليوم يجمع بين حرفة الخياطة، وبيع الأقمشة والملابس العربية القديمة (كالشراويل – والطرابيش – والزنانير)، ونظراً لجودة أنواع الأقمشة والالبسة المميزة التي نادراً ما تجدها خارج هذا الخان، أصبح يحتل مركزاً ممتازاً ورئيسياً في جولات السائحين والباحثين الذين يتوافدون الى طرابلس للتعرف إلى تاريخها وتراثها وحضارتها.
واكب خان الخياطين مختلف الاحداث والأزمنة، وهو اليوم كما العديد من خانات طرابلس فقد الكثير من خصوصيته، التي شهدت دخول التكنولوجيا الحديثة، وبعض الصناعات التي أفقدته ميزته القديمة”.
يُذكر أنه تمّ ترميم الخان، ووضِع في الخريطة السياحية الرائِجة اليومية لطرابلس القديمة.