في يوم الكرامة… من صنع كرامة الأمة؟* د. دانيلا القرعان
النشرة الدولية –
هي كرامتان: كرامة الرجال وكرامة الوطن، في معركة الكرامة يكون الحديث ذو شجون فهنالك تختلط العواطف بكل احاسيسنا ويخرج من داخلنا كل ما يميزنا عن غيرنا ونرى الوطن كما لا نراه في أي موقف اخر، نرى في الكرامة عروبتنا، ونرى في الكرامة شهامتنا، ونرى في الكرامة قاماتنا عالية ورؤوسنا مرفوعة، ونرى في الكرامة سبب حياتنا وآفاق تطلعاتنا، فكيف إذا كانت الكرامة كرامتين كرامة الرجال وكرامة الوطن. نصف قرن ونيف مضى على الانتصار الذي يجسد كل معاني العروبة والوطنية فكان هذا النصر اول نصر للأمة العربية على اليهود نصر الجيش العربي المصطفوي على العدو الغاشم الذي لا يقهر.
في هذا اليم وهذا الانتصار العروبي نستذكر الموقف الراسخ الذي لا يتغير والنهج الثابت الذي انتهجه جلالة القائد الملك عبد الله ابن الحسين بن طلال الهاشمي ابن الهواشم في سياسته التي باتت دستور ثابت لكل العرب والعالم اجمع، دستوره في الدفاع المستمر عن القدس والمطالبة المستمرة بالحقوق الشرعية المسلوبة للشعب الفلسطيني في ارضه وترابه، وفي الدفاع عن فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ونستذكر الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والدفاع عن القدس العاصمة الأبدية للفلسطينيين.
لقد اعادت معركة الكرامة ما هدر من الكرامة العربية في حزيران الأسود، فهل تكون هذه الذكرى عبرة للأمة العربية ونحن نعيش في مرحلة مظلمة من انتهاك للحقوق الشرعية للشعب الصامد وانتهاك للشرعية الدولية، او بما آل اليه الوضع في فلسطين من استهداف للأرض والانسان من اجل تهويدها وحروب الدمار الشامل على غزة؟
«الحادي والعشرين من آذار ذكرى معركة الكرامة الخالدة عام 1968» سطر في هذا اليوم الجيش العربي الأردني أروع البطولات والتضحيات، حيث استطاعت هذه المعركة ان تشكل الحد الفاصل بين الانهيار النفسي والمعنوي للإنسان العربي وبين إعادة الثقة بالذات العربية للخلاص من تبعات هزيمة الخامس من حزيران عام 1967، فهي مثلث مواجهة بين الروح المعنوية والقوة العسكرية التي انتصرت فيها الإرادة الأردنية جيشًا وقيادةً وشعبًا ومقاومةً على ترسانة الأسلحة والعتاد والإمكانات الموجودة بين ايدي الإسرائيليين، وكانت محطة اعادت للأمة العربية كرامتها واسقطت غرور الإسرائيليين.
إن بطولات الجيش العربي الأردني أوقف وما زال يوقف أطماع الصهاينة بابتلاع المزيد من الأراضي، وتصدى وسيتصدى لأي خطر تفكر إسرائيل بعمله تجاه الأردن، مطالبا جميع الأردنيين بالوقوف خلف القيادة الهاشمية والجيش العربي الأردني في الدفاع عن الأردن وفلسطين من مخططات الإسرائيليين وغيرهم، وستبقى معركة الكرامة ذكرى للرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وذكرى للرجال الذين صنعوا التاريخ بنصر ليس للأردني وحده بل للأمة العربية والإسلامية جمعاء، هذا النصر في معركة العز والكرامة والإرادة أوضحت للإسرائيليين ان الأردن دولة عصية بقدرة رجالها المتكلين على الله وحده وقيادة شرعيتها جاءت من نسل رسول الامة، وكما دحروا في خيبر جاءت كرامة الأردنيين لتدحرهم وتسطر معاني البطولة والحرية التي يتنفسها كل اردني.
إن النصر في الكرامة هي لغة الخطاب السياسي الأردني والعربي في تناول القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وتشكل خطاب سياسي اجتماعي داخلي عزز ثقافة الانتصار والوحدة والتماسك والامل ورفع الروح المعنوية، وهذا النصر عزز الوضع السياسي للأردن داخل المجموعة العربية كدولة منتصرة واعطت زخما سياسيا تحلى به الأردن في المشاركة الفاعلة بالجهود الدولية السياسية في القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال.
وفي ذكرى الكرامة تستذكر فقيدنا الكبير الملك الراحل الحسين بن طلال الذي كان علما من اعلام الامة عندما كان بين صفوف ابناءه جنديا باسلا لا يقنع بقيادة المعركة الا من وسط ميدانها، ونستذكر كبرياء وعظمة مليكنا الراحل الذي رفض بآباء الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.
لقد كانت معركة الكرامة خاتمة لحقبة هزائم لتنتقل الى مسلسل من الانتصارات اعادت للامة روح الصمود والمقاومة بعد ان تمردغ وجود الامة وكرامتها في هزيمة 5 حزيران الى ان جاء زمن الجيش العربي المصطفوي وأعاد كرامة وعزة الامة العربية.
نقلا عن الدستور الأردنية