عذرا أيتها الأمهات* المحامي عبدالله الحموي
النشرة الدولية –
ثمانية عشر عاما مضت على غروب شمسك , شاءت المشيئة الإلهية أن تتبعك ابنة لم تلديها لكنك أعتبرتها كذلك حين رأيتها متربعة في قلب “صغيرك”, كما كنت تصرين على تسميته. حين شخص بصرك الي لحظة المنازعة لم يزعج موقفك أحدا من أشقاء وشقيقات كانوا يعلمون عروة جمعت بيننا ووثقتها أسرار دفنت معك وبدوري ظلت دفينة قلب.
لقد شكل دعاؤك في حرج هذه اللحظة البشرى بأني غنمت أجر البر بك فنلت بإذن الله برضاك رضى الخالق وسعيت الى كرم لا يذمه طمع. فمن يكره أن يحوذ مفاتيح رزق الأرض والسماء؟
ثمانية عشر عاما كبر خلالها صغيرك وشاب شعره لكن حنينه الى مناداتك له بكلمة “صغير” ولو على كبر لم ينقطع . يقولون والدتي أنهم يحتفلون بعيد يكرمون به أمهاتهم. هداهم الله , أما علموا أن أيام السنة برمتها ولحظاتها لا تفي الأم حقها ؟؟؟
أتذكرين والدتي أن هذا اليوم المسمى “عيد” لم يعن لك شيئا في يوم ما . لا لشيء الا لكون كل لحظات مرت على حياتنا حولها سعادة وجودنا معك الى عيد مستدام . أتذكرين كم اختلفت وإياك في الرأي وجعلك تعنت “صغيرك” تنحين النقاش بابتسامة هادئة تاركة للأيام أن تؤكد وجهة نظرك, وهو أمر كان يتكرر .
جزاك الله خير كل لحظة سعادة أهديتها لنا . وجزى الله والدي كل الخير أن أحسن الينا باختيارك أما. بل لو أقتصر إحسانه على مجرد الأمر لكفاه فضلا وشرفا يجعلانا ندعو لكما أناء الليل وأطراف النهار.
عذرا أيتها الأمهات ما علمت عن نفسي العقوق بل تحريت والحمدلله إتباع الحديث الشريف: “أمك ثم أمك ثم أمك ثم اباك”. اقول للأبناء أن أحبوا أنفسكم باستغلال كل لحظة تمضونها مع امهاتكم قبل اكتشاف أنهن زوادة طريق وباب خير يقفله الرحيل . عذرا ايتها الأمهات لن أعترف بعيدكم رأفة بكم فكل ايام السنة تقف عاجزة عن إيفاء الأم لحقها.
من أراد أن يكتب الله له سعادة الدارين فالباب أمه وأباه. فليجعل كل لحظة من حياتهما بهجة وسرورا لأن في الفعل أثرأ مرتدا عليه . ورحم الله قائل الحكمة الشهيرة: “… فوالله لا يزيد متزيد في خطوة الا لنقص يجده في نفسه”.