عندما يغضب الملك* رجا طلب

الجريدة الدولية –

لم يسبق لي كما لم يسبق للكثير من المواطنين أن شاهدوا جلالة الملك غاضبا مثلما شاهدناه في موقفين متعاقبين وخلال أقل من يومين الاول عندما زار مستشفى السلط الجديد للوقوف على الفاجعة الكبرى التى حدثت وتسببت بوفاة سبعة مواطنين ابرياء بسبب انقطاع الاوكسجين عنهم، وبعدها خلال كلامه الناقد والحاسم والواضح في اجتماع مجلس السياسات بحضور كبار المسؤولين في الدولة.

 

تحدث جلالته بصراحة تامة عن مواطن الخلل والقصور اللذين يعتريان جهاز الدولة، وطرح جلالته في هذا السياق سؤاله المهم والاستراتيجي «لماذا وصلنا إلى هذه الحال»؟، تكلم جلالته بلغة خالية من المنكهات البلاغية او الكلام المزركش الذي يلجأ اليه في العادة قادة الدول وتساءل (لمتى إحنا راح نتحمل الإهمال والفساد ؟) وهو سؤال ندر أن يطرحه القادة في العالم على شعوبهم، وهو ما يؤكد على شفافية الملك وحرصه على إشراك شعبه بما يجول في خاطره وفي عقله، وعندما قال في ذلك الاجتماع الاستثنائي (بكفى وخلص)، فهذا يعني أن فعلاً ما يجب ان يبدأ، وأن برنامجاً وطنياً تتولاه الحكومة ومعها السلطة التشريعية يجب أن يوضع من أجل إنهاء الإدارة المترهلة التى تغطى كل اشكال الفساد المالي والإداري.

 

على وقع غضب الملك وثورته على التسيب والاهمال والمحسوبية والواسطة بات من الضروري ولادة نهج جديد تتولى تنفيذه الحكومات من أجل إدخال الأردن مئويته الثانية وهو يتمتع بكل عناصر القوة والمنعة وتحديدا في المجالات الحيوية كالصحة والتعليم ومستوى الخدمات والمعيشة، فالذى جرى في فاجعة السلط وفوق أنه جريمة بشعة بحق ابرياء تركوا بلا أوكسجين وفقدوا حياتهم بسبب ذلك وفي مكان دخلوا اليه من أجل «الحياة» وليس الموت، وفوق أنها جريمة بشعة بكل المقاييس فقد شوهت صورتنا أمام العالم ووضعتنا وبكل أسف بمصاف دول ما زالت تغلب عليها البدائية والبعد عن الحضارة والتحضر وبالكاد يعرفها العالم ويسمع بها، فجريمة نفاد الأوكسجين في «زمن الكورونا» أصعب من أن يقبلها عقل او يستسيغها منطق، فهي «ام الجرائم» التي يجب أن تقودنا إلى عناصر الخلل والوهن والتسيب وفي مناحي الدولة والوطن كافة، فجريمة كهذه هي نتاج كل ما يعيق تقدم وازدهار المجتمع والدولة، والتحقق من أسبابها وكيفية وصول العبث والتسيب لارواح المرضى في المشافي، نكون قد القينا القبض على «منظومة الفساد كاملة» ودفعة واحدة.

 

كل الأردنيين بانتظار نتائج التحقيق بشأن الفاجعة وبانتظار القصاص العادل لكل من له صلة بها من قريب او بعيد.

 

كلام جلالة الملك الواضح والشفاف ترك في نفوسنا الامل بغد افضل واغلق نوافذ الوطن أمام «البوم والغربان» التي تنعق من خارج الوطن وتعتاش على جلده.

 

قالها جلالته وكلنا ثقة بما يقول قال: «سننتصر على كورونا سننتصر على الوضع الاقتصادي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button