التطبيع الخليجي مع إسرائيل… مختلف* حمزة عليان

النشرة الدولية –

تدحرجت مسألة التطبيع الخليجي – ال#إسرائيلي من عنوان إلى آخر،  في البدايات حملت لباساً دينياً بتسميتها “اتفاقات إبراهام” ثم أعطيت بعداً سياسياً بحسب شعار “السلام من أجل السلام”.

 

أخيراً تخطت الاتفاقيات تلك العناوين ولم يعد السؤال أن الدول المطبعة لن ترهن مصالحها لقيادة فلسطينية غير قادرة على المضي قدماً وعقد صفقة، بل هل التطبيع  الخليجي مختلف عن تطبيع دول المواجهة أي مصر والأردن؟

 

قيل إن حسابات الأنظمة هنا في الدائرة الخيلجية وحتى لدى السودان والمغرب هي المرتكز وليست الشعوب، بمعنى أن مصلحة النظام حتمت هذا التوجه بعيداً من أي اعتبار آخر، وإن كانت التحالفات التي عُقدت حصلت تحت هاجس الخوف من التمدد الإيراني ومخاطره على الأمن الخليجي ككل.

 

نتنياهو يستغل هذا المنحى ويوظّفه لأغراض انتخابية ويعمل على سحب أكبر عدد من الناخبين لمصلحته، ولهذا استعجل “قطف” وتجيير الفرصة بهبوط طائرته في أبوظبي لكن الرياح الأردنية عاكست مشروعه! وتم تأجيل الموضوع إلى أن جاء رد وزير الدولة أنور قرقاش برفض تجيير “السلام الدافئ” لدولة على حساب أخرى، وبأن الإمارات لن تدخل طرفاً في أي صراع داخلي إسرائيلي!

 

وبالرغم من الانتكاسة التي واجهها نتنياهو استمر بدغدغة مشاعر العرب الإسرائيليين واتجه نحو مكة المكرمة برفع شعار “سأؤمَن لكم رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى مكة”… إذا إنتخبتموني”!

 

وهذا بالفعل ما يجعله لاعباً مهماً بكسر الأبواب العربية التي بقيت مغلقة لعقود من الزمن أمام التطبيع. كان لافتًا ما كتبه توماس فريدمان في صحيفة “النيويورك تايمس” وإيراده رقم 130 ألف إسرائيلي ومستثمر زاروا الإمارات خلال بضعة أشهر وهذا من وجهة نظره يعكس مرحلة جديدة من التطبيع، بدأت بشكل أقوى من الأسفل ممثلة بالسياح والطلبة والشركات!

 

ما يحصل على الأرض الخليجية، بمثابة حلم عند الإٍسرائيليين الذين يتوافدون على عواصم الدول المطبعة بسلاسة وبأرقام غير طبيعية، وهو بعكس ما حصل لدى الشعبين المصري والأردني.

 

فالتطبيع وإقامة التمثيل الدبلوماسي وتبادل السفراء بين تل أبيب من جهة وبين القاهرة وعمّان انحصر فقط بالنظام وبرفع الأعلام، وبقي الشعب رافضاً ولنقل مقاوماً لكل أشكال التطبيع مع “العدو”.

 

أكثر من 30 عاماً من إقامة العلاقات مع مصر والأردن بقيت الشعوب أو “الجماهير” بلغة أهل النضال عصية على الكسر.

 

كان النظامان العربيان في واد والشعوب في واد آخر، فهذه الدول خاضت حروباً دموية مع إسرائيل وحصلت مواجهات عسكرية قاسية، حولت تلك الشعوب إلى ما يشبه المتاريس التي تقف الأنظمة خلفها.

 

حصيلة السلام الإسرائيلي مع مصر والأردن تمحور حول الأنظمة في حين أن ما نراه ونشهده في الساحات الخليجية، صورة مغايرة تماماً وهي مزيج بين الاثنين أي الأنظمة والشعوب.

 

هنا الشعوب تسير خلف الأنظمة ولديها ثقة بحكامها، وتالياً لا تشكل أي هاجس لدى الأنظمة التابعة لها، فالرفض والشعارات التي راجت لعقود سقطت على الأرض.

 

النظرة للتطبيع وللسلام من المنظور الخليجي لم يعد مرهوناً ولا مرتبطاً بالقضية الفلسطينية ولا الصراع العربي – الإسرائيلي ولا بالعروبة والقومية، فمحدلة التطبيع ستكمل دورانها قريباً، ومن يرغب بمعرفة المزيد ننصحه بقراءة مقال توماس فريدمان فلربما توضح له مسالك التحالفات القادمة؟

 

الشعوب العربية في معظمها وصلت إلى مرحلة اليأس من أنظمة المواجهة ومن القيادات الفلسطينية، فكان توقيت الاختراق الإسرائيلي محكماً، بعدما انشغلت القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد وحتى عمّان، بحروبهم الداخلية وانتكاساتهم المتتالية وهجرة شعوبهم، فقد مات الغضب العربي، وأقفلت الساحات تماماً على أصوات المناضلين والزاحفين نحو القدس!

 

*إعلامي وباحث لبناني مقيم في الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى