فروقات المستشفيات اللبنانية مرعبة.. 325 مليون فاتورة مريض واحد

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

القطاع الصحي يتداعى، حاله حال بقية القطاعات في البلد، المعضلة التي تواجهه اليوم مالية-إدارية وفي شقٍّ منها أخلاقية، من جهة تتنصّل الدولة من مسؤولياتها تجاه المواطن في تأمين حقّه بالطبابة، ومن جهة ثانية المستشفيات الخاصة لا ترحم، تتذرّع بانهيار الليرة وتفرض فروقات خيالية، تريد أن تُبقي على جني الأرباح نفسها، كما كانت تفعل قبل كورونا، الجهات الضامنة ترفض دفع الفروقات لعدم قدرتها، فلا يبقى أمام المستشفيات سوى المريض الذي يقع ضحيّة الفريقين.

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي الذي يعقد مع المعنيين بالقطاع اجتماعات متواصلة في إطار لجنة الصحة، في مسعى للتوصل إلى حلول تُبقي القطاع صامدًا، كشف في حديث لـ “لبنان 24” عن فروقات مخيفة تطلبها المستشفيات من المرضى، وفي واقعة حدثت مع مرضى كوفيد-19 استدعت حالتهم دخول المستشفى، نقلوا إلى مستشفيات في بيروت، بحيث فُرض على بعضهم مبلغ وقدره 325 مليون ليرة، وبعضهم الآخر وصلته فاتورة المستشفى بـ 250 مليون ليرة. هذا وتلجأ المستشفيات الخاصة إلى فرض مبلغ يتراوح بين 15 و 30 مليون على مريض كورونا كبدل تأمين.

“الفروقات باهضة جدًا، والمواطن وحده يدفع الثمن فإذا اضطر لدخول المستشفى يخترب بيته، حتى لو كان مضمونًا” يقول عراجي، لافتًا إلى أنّ المستشفيات تطلب رفع التعرفة استنادًا إلى دولار 6000، ولكن بالمقابل لا قدرة للمؤسسات والجهات الضامنة على رفع التعرفة “لا بل عندها تنهار جميعها”.

وزارة الصحة أو الضمان عمدا إلى فسخ العقد مع مستشفيات لم تلتزم بالتعرفة المحدّدة، وأجبرت المريض على دفع فروقات ماليّة ضخمة، كما حصل مع مركز كليمنصو الطبّي ومستشفيات أخرى، لكن في النهاية تنتصر المستشفيات وتفرض ما تريده من فروقات، خصوصًا أنّ فسخ العقد لا يردعها لا بل قد يلائمها في المرحلة الراهنة، بحيث يتمّ فسخ العقد لشهرين أو ثلاثة تتنصل خلالها من تحمّل تبعات كورونا، ثم تلجأ بعد تراجع موجة كوفيد إلى “الواسطة” لتنضم إلى العقود وكأنّ شيئًا لم يكن، بالتالي فسخ العقد ليس حلًا يقول عراجي ” المعضلة الأكبر أنّ الكلفة الإستشفائية باتت باهضة جدًا والمستشفيات تحمّلها للمريض، وهي أعباء تتخطّى قدراته، فأضحى الحلقة الأضعف في هذه الأزمة. من هنا نسعى للوصول إلى حلّ بين الدولة والجهات الضامنة والمستشفيات، على قاعدة أكل العنب لا قتل الناطور. الخميس الماضي عقدنا اجتماعًا مع نقابات المهن الطبية، والخميس المقبل سنجتمع مع المؤسسات الضامنة، وزارة الصحة، المؤسسات الأمنية، تعاونية موظفي الدولة، والضمان الإجتماعي لنرى ما هي قدرتهم على الإستمرار في ظلّ التحديات، وكيف يمكن لنا أن نعالج الواقع”.

صحيح أنّ الكلفة ارتفعت بظلّ تفلت سعر الصرف، والدولة تقف متفرجة ولا تتحمل مسؤوليتها، ولكن بالمقابل ما تطلبه المستشفيات مبالغ به “خصوصًا أنّ الأدوية التي تستخدمها لا زالت مدعومة بنسبة 15%، والمستلزمات الطبية بعضها مدعوم وبعضها الآخر غير مدعوم، وكذلك المازوت مدعوم”. فكيف الحال لو تمّ رفع الدعم؟ هل ستصبح خدمة الإستشفاء للأثرياء فقط؟

أمّا كلفة رواتب العاملين في المستشفيات فلا يمكن أنّ تشكّل ذريعة، في السياق كشفت مصادر طبيّة أنّ العديد من المستشفيات الخاصة لا تعطي العاملين كامل رواتبهم، بعضها عمد إلى تخفيض ساعات العمل، والبعض الآخر يمنح نصف أو ثلاثة أرباع راتب.

عراجي يدعو المعنيين إلى خطّة إنقاذ سريعة للقطاع “لاسيّما وأنّ المعضلة الأكبر تكمن في الموازنة المقبلة للقطاع الإستشفائي. الموازنة المرصودة للقطاع تبلغ 475 مليار ليرة، أي ما يوزاي 300 مليون دولار، هذه الموازنة بظل تفلّت سعر الصرف أضحت لا تتجاوز الـ 50 مليون دولار، فكيف ستُحل هذه المشكلة؟”.

انهيار المنظومة الصحية لا يندرج في إطار التهويل، بل هو واقع يدركه جيدًا المعنيون بالقطاع، ومشهدية القطاع الصحي وحدها يجب أن تشكّل رادعًا لدى أهل الحل والربط للتخلّي عن أنانياتهم وتأليف حكومة، لإنقاذ أرواح ملايين المواطنين الذين باتوا عاجزين عن تأمين كلفة الإستشفاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button