بستان جدّك أفضل فخامة الرئيس؟* راجح الخوري
النشرة الدولية –
لم يصدر عن القصر الجمهوري حتى كتابة هذه السطور، أي تعليق او توضيح او استفاضة حول تصريح الرئيس ميشال عون، الذي قال فيه انه نادم على تولّي رئاسة الجمهورية، وأنه كان يفضل وراثة بستان جده على ان يكون رئيساً، رغم أنه عطّل البلد وأوقع رئاسة الجمهورية في الفراغ عامين ونصف عام قبل ان يتسلمها، وذلك وسط دويّ كان قد بدأ عام 2005، على وقع قرع طبول ما سمّاه “الإصلاح والتغيير” في بلد نخرته الحروب والصراعات واكله النهب والفساد، ما سهّل بطبيعة الحال تحويل شعار “الإصلاح والتغيير”، نوعاً من التسونامي يدغدغ طموح الناس، وهو التسونامي الذي لطالما فاخر به عون ومؤيدوه.
لم يسبق في تاريخ الأوطان ان اعلن رئيس للجمهورية، بعد تاريخ طويل من توليه السلطة، قائداً للجيش ورئيساً لحكومة عسكرية خاضت حربين عسكريتين واحدة بعنوان “التحرير”، والثانية بعنوان “توحيد البندقية” او “الإلغاء” كما تقول “القوات اللبنانية”، أنه “يا ريت ورث بستان جده”، مع انه وصل الى رئاسة بلد كان قادراً، ولا يزال، على ان يكون بستان السماء او جنة عدن، وهو لبنان الذي ورد ذكره في الإناجيل عشرات المرات!
لا يا فخامة الرئيس، بستان جدك ليس افضل من رئاسة جمهورية لبنان رغم التعاسة والبؤس اللذين وصل اليهما لبنان، ورغم تسونامي “التغيير والإصلاح” الذي تقرع طبوله منذ 16 عاماً كنت فيها حجر الرحى، كأكبر كتلة نيابية ثم كرئيس يتربع في “بيت الشعب” [هل تذكر] منذ أربعة أعوام ونيف؟
نرجوك لا تقلّ لنا فخامة الرئيس مرة ثانية انك ستسلّم بلداً افضل من الذي تسلمته، اذا كنت تتحسر على بستان جدك، ثم رضي الله عنك يكفينا ما فينا من الرعب والمشاكل والاخطار الماحقة، فما حاجتك الى الحاق الرعب باللبنانيين مرة جديدة عندما تقول انك تخشى “ان الكلفة ستكون مرتفعة جداً وربما الفوضى قبل ذلك”، ونحن عملياً في أعماق الفوضى. أوَلم تشاهد الناس يتذابحون على علبة حليب مدعوم بودائعهم التي نهبها السياسيون، الذين قلت عنهم في آب الماضي لمجلة “باري ماتش” انهم حماة الفساد؟
عن أي كلفة واي فوضى تتحدث فخامة الرئيس، فهل هناك حاجة لأن نبدأ بتحضير أكياس الرمل لحماية بيوتنا، واذا كنت فعلاً كما قلت، ولم نسمع بعد أي توضيح، “تخشى من المخاطر التي تلوح في الأفق على لبنان والتي باتت تهدد وجوده”، فكيف لك ان تقول انك ستسلم لبنان افضل من الذي تسلمته؟!
واذا كنت ترى كل هذا الأفق المقلق: أي الفوضى والمخاطر التي تهدد الوجود الوطني، فكيف استطعت القول انك “فعلاً تسونامي وتمكنت من ان تقضي على جزء كبير من الإقطاع السياسي، وما بقي إلا كم واحد”، ثم تعترف بأنك “لم تكن تتخيل أنك ستكون مكبلاً امام هذه المنظومة المطوقة والمحصنة” ولووووو … اذاً على أي أساس اطلقت شعارات الإصلاح والتغيير؟
نرجوك فخامة الرئيس، لا ضرورة لأن تسلمنا لبنان افضل من الذي تسلمته، فليس في وسعنا تحمّل المزيد من الكلفة والمخاطر التي تهدد وجودنا!
النهار اللبنانية