سوق السمك الكويتي..! بسام العسعوسي
بقلم: بسام العسعوسي
النشرة الدولية –
يطلق على مجلس العموم البريطاني بأنه (سوق سمك) لما يحدث فيه من نقاشات محتدمة، وارتفاع أصوات أعضائه وكثرة الخلافات بين الأعضاء أنفسهم، أو بينهم وبين رئيس الوزراء، ويبدو أن مجلس الأمة الكويتي قد أضحى يشابه سوق السمك البريطاني، لدرجة أنه قد بلغت الحماقة بأحد الأعضاء أن يهدد بالقتل أو السحل أو «يتلتل» بالشوارع على حد وصفه، وقد لاقى ذلك التهديد ردة فعل شعبية تستنكر ذلك الأسلوب الدخيل على الحياة السياسية والمجتمع الكويتي برمته، هذا فضلاً عن المسؤولية القانونية التي يجب أن يتحملها، ولا ريب أن الأسلوب الذي استخدمه السيد العضو يعطينا مؤشراً صريحاً عما سيكون بنا الحال لو أن هذه الأغلبية المتوحشة، التي يتزعمها ذلك العضو قد تمكنت من السيطرة على القرار أو السلطة لاسمح الله في البلد!
أتساءل بحسرة أين الأصوات العاقلة في سوق السمك الكويتي؟ بل أين القوى والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية مما يحدث أخيراً على الساحة السياسية في الكويت ولماذا هذا الصمت المطبق؟
أعتقد أنه لا توجد لحظة سياسية خلال آخر عشر سنوات شهدت ضعفاً في الحياة السياسية كالضعف الذي نشهده هذه الأيام، وهذا بلاشك مسؤولية الجميع، الحكومة والمعارضة والموالاة والقوى السياسية والثقافية والاجتماعية، بل أعتقد أن السلطة أو الحكومة هي التي يجب أن تتحمل مسؤولية هذا الضعف، وهي التي تدفع ثمنه اليوم، وسوف تستمر في دفع الحساب إذا استمر هذا الضعف، فالحكومة وبعض أجنحتها هي من أفرغت الحياة السياسية، وأضعفت القوى الوطنية، وقربت ودعمت وغذت القوى الرجعية والدينية، وهي التي تحصد ما قد زرعته هذه الأيام، فهذه القوى اليوم تقف في مواجهتها.
على أية حال المشهد الحالي مشهد يبعث على الاحباط لضبابيته، ولغياب رؤية حقيقية لانتشال الوضع القائم، ومهما كانت الأسباب سوف تستمر الكراهية والتشاحن والاقصاء والتخوين السياسي، وسوف يدفع المجتمع ثمناً باهظاً لهذه السلوكيات، فالأغلبية النيابية المسمومة في سوق السمك تحارب أي صوت عاقل حتى ولو كان محسوباً عليها، وهناك فوضى كبيرة في الحياة السياسية، والخطورة تكمن في عدم تقبل الآخر ومعاداته وسوف تستمر.