كريمة وكريمة… كلاهم الذيب!* سارة المكيمي

النشرة الدولية –

لم أقابلها يوما، ولكن مجموعة من الزميلات في العمل الحقوقي أخبروني عنها، واكتشفت ليلا أن قصتها لم تفارق بالي! أتقلب على الوسادة لعلّي أجد لها حلا، ولم يكن.

كريمة سيدة فاقت الستين من العمر مواطنة كويتية، تزوجت من رجل عربي ورحل! لديها منه أبناء، تكالبت عليها ظروف الحياة وصنوف المشاكل والمعاضل حتى أُبعد ابناها في قضايا مختلفة، توفي الأول وهو بعيد عنها لم تستطع حضور جنازته، ولم تستطع حتى دفنه عندها في الكويت لأنه وافد. لهذا الابن طفلة اسمها أيضا كريمة سماها على والدته، تعيش في الكويت مع جدتها التي تناضل ليل نهار لإيوائها وكسوتها وتعليمها نظرا لضيق الحال وتراكم الديون.

عندما تيتمت كريمة الصغيرة بعد حادث أودى بحياة والديها أرادت كريمة الجدة أن تكفلها وتربيها عندها في الكويت لتصدم ببعض الموظفين في إدارات الهجرة يضيقون عليها كفالة حفيدتها ويؤخرون إقامتها، تُقسم أن أحدهم قال لها “ترجع لديرة أبوها إحنا مو ملزومين فيها”! على الرغم من يتمها، وعدم معرفة الطفلة بأهل والدها ولا أمها لكونها قد عاشت طوال حياتها في الكويت، لم تقوَ كريمة الجدة على فكرة أن تُرسلها الى تلك البلاد ليتكفل بحفيدتها من لا تعرفه ولا يعرفها! هي أم أبيها المتوفى، تقول كريمة “هي آخر ما عندي من رائحته! كيف أفترق عنها وقد فرّقني الموت عن والدها وليس لدي شيء من ذكراه سواها؟

كريمة وكريمة كلاهم الذيب، ذيب القوانين التي تسلطت على المرأة الكويتية، وهضمت حقها حتى في أن تكون الكويت وطنا لأبنائها وأحفادها في حياتها ومن بعدها. أعراف هضمت حقها وامتهنت كرامتها وأصابتها في مقتل أسرتها الممتدة.

أتساءل أحيانا إن كان المشرع يعي فعلا تبعات ما آلت اليه حال المواطنة الكويتية، كيف ساهم في إكثار كوابيسها، وجعل همها في استقرارها وأمان أسرتها من بعدها. كيف جعل شغلها الشاغل بدهيات وجود وأساسيات حياة، حتى أهملت أعمالها، وتواضعت أحلامها، وتقلص طموحها في إقامة طويلة لأبنائها، واستقرارهم اللامشروط من بعد عينها!

كريمة الطفلة مازالت في حضن كريمة الجدة، ولكنها مهددة بالترحيل في أي وقت لا تستطيع فيه الجدة تسديد رسوم التأمين الصحي الـ50 دينارا لكل سنة التي يجب أن تدفعها المرأة الكويتية لأحفادها لتجديد الإقامة!

هل يعقل يا ناس أن تدفع مواطنة كويتية رسوم الوافدين الأجانب لفلذات أكبادها! وكأنها لا تنتمي إلى الكويت ولا أرضها تتسع لهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى