لماذا لا نتعلّم من التجربة الكويتية؟* حمزة عليان

النشرة الدولية –

النهار اللبنانية –

لماذا الحديث عن “الحالة #الكويتية” عند التطرق إلى الأزمة الكارثية التي يعيشها #لبنان؟ ما شأن الكويت بذلك وإقحامها في دهاليز بلد يعيش أسوأ محطة بتاريخه الحديث؟

 

هناك إلى حد كبير تشابه في الموقع الجغرافي، فكلا البلدين محاط بقوى ودول لديها طموحات وتوسعات ونفوذ متصلة بالهيمنة.

 

والتماثل ينسحب أيضاً على “الحياة الديموقراطية” التي تجمع بينهما، وسط تكوينات مجتمعية تضم عدداً من الطوائف والقبائل، لكنهما يفترقان عند نقطة مفصلية ترتبط، في الارتهان للخارج والاستقواء به أو الابتعاد عنه والحفاظ على “استقلالية” بالقرار السيادي يجنب مخاطر الانزلاق نحو المجهول.

 

الكويت تعرضت إلى غزو عسكري بربري أطاح بالحكم وبالدولة عام 1990 على يد نظام أرعن وحاكم متغطرس، راح يبحث عن شخصية كويتية يتكئ عليها ويستخدمها كواجهة لاحتلاله فلم يجد، حتى المعارضة المحسوبة على “حزب البعث” أدخلوا قيادييها السجون العراقية كأسرى. خلاصة التجربة الكويتية تقول إن الولاء للوطن لا يشترى ولا يباع، لا بل أكثر من ذلك ذهبت القوى السياسة بكافة أطيافها إلى مؤتمر جدة الشعبي في تشرين الأول/أكتوبر 1990 وفي عز الاحتلال لتبايع آل الصباح بالحكم تحت مظلة الدستور وديموقراطية ارتضوها لأنفسهم.

 

وبدون عناء أو تعب تشعر وأنت تتابع نبض النزاع السياسي الملتهب في الكويت أنك أمام صورة لا تخطئها عين المراقب؛ إذا اشتممت رائحة تدخل خارجي بالشأن الداخلي ترى الكويتيين يهبون هبة واحدة، وتجدهم صفاً واحداً وعلى قلب واحد وشعارهم “إلا الكويت”، وهو ما تلمسه من الأحاديث والنقاشات الدائرة لدرجة أن أحد اللبنانيين المخضرمين والذين عاشوا ردحاً من الزمن هنا يقول: “يا ريتنا نتعلّم من الكويتيين كيف يحبُّون بلدهم”.

 

إذا أسقطنا هذه “الحالة الكويتية” على الواقع اللبناني، فسنجد أن بلدنا يفتقد إلى مرجعية واحدة تدير الدولة والنظام، فالتركيبة التي تمت عام 1943 كانت امتداداً لما قبلها، بنيت على قواعد التوافق بين طوائف محكومة بالاستقواء بالخارج، من دون أن يكون بينها حدود للسقف الذي يحمي ويصون الكيان بل بقي منفتحاً ومربوطاً بالخارج.

 

كنا وإلى وقت قريب نتغنى بالتعددية التي أنعم الله بها علينا وبالديموقراطية التي نعيشها، بل ونعاير الآخرين من العرب والخليجيين بتلك “الجوهرة” لنكتشف لاحقاً أنها مصدر للمآسي وللكوارث وللحروب الأهلية والنزاعات المستمرة. وصلنا إلى مرحلة لم تعد “صيغة النظام” قابلة للحياة، ولذلك اصطدمت الطوائف الكبرى والمتوحشة بعضها ببعض وبالحائط، أدخلتنا كل طائفة بحرب ولم نتعلم الدرس بعد!

 

هناك دول مرت بنكبات وتعرضت للتفتيت والتقسيم لكنها وقفت على أرجلها وطوت صفحة الحرب والتدمير.

 

رأينا ماذا حصل بيوغسلافيا الاتحادية وبالإتحاد السوفيتي وبدول نشأت في أعقاب الحربين العالميتين والحروب الباردة.

 

لبنان اليوم ينازع للبقاء، ولم يعد الكلام على “العائلة الفاسدة والحاكمة” يجدي نفعاً، هؤلاء ليس فيهم ذرة من الكرامة والوطنية والمسؤولية لذلك إما أن نبقى في حالة تبعية كاملة للخارج وندور في حلقة مفرغة أو نبحث عن مخرج وصيغة نظام تتوافر فيه عناصر الاستمرار والتجديد والبقاء… فهل من مستجيب؟

 

إعلامي وباحث لبناني مقيم في الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى