أمانة القدس من عبدالله للحسين إلى عبدالله والحسين* صالح الراشد
النشرة الدولية –
تبقى القدس في قلب عبدالله زهرة لا تذبل وقضية لا تموت، فقلب عبدالله ينبض بأقصاها وقيامتها وبراقها وجدرانها القديمة ومسراها ومعراجها، ليكون هذا القلب بسعة الكون لأن من يتسع قلبه لأتباع هذه الأماكن المسلمة والمسيحية يكون أعظم الرجال وأكثرهم صبراً وصدقا، لكن طيور الظلام من صهاينة وأنصارهم في العالم يُريدون القدس صهيونية كاملة، ليتم محاربة كل من يذود عنها فالكيان الصهيوني يُريدها بلا حارس أو وصي عليها حتى يسهل احتلالها والسيطرة على مقدساتها، لتصطدم أحلامهم بوجود رجال نذروا أنفسهم ليكونوا جند القدس وفُرسانها، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وهؤلاء هم رجال الحق والعزة والكرامة، وهؤلاء هم القابضون على جمر الشرف والحرية والقيم، وهؤلاء هم فرسان بني هاشم من عبدالله المؤسس إلى الحسين الباني فعبدالله النهضة وولي عهده الحسين المحبوب.
وكأن هناك رابط خفي بين عبدالله والقدس لا يراه إلا أصحاب البصيرة والرؤى الثاقبة رغم وضوحه، لكن البعض تُعمى أبصارهم فلا يرون الحقيقة حتى لو كانت واضحة كالشمس، فعبدالله الأول دفع حياته واستشهد في المسجد الأقصى في قلب القدس وهو يقود العالمين العربي والإسلامي للذود عنها والدفاع عن مقدساتها، فجائه الغدر من حيث لا يحتسب ليرتقي شهيداً للقدس، ولم يتبدل الحال في دفاع عبدالله عن القدس حيث يتولى حكم الأردن عبدالله الثاني حارس القدس وترسها وسيفها، ليعلن أن للقدس أصحابها وللقدس أوصياء هاشميون أوفياء، فالملك يعتبر القدس خط أحمر وهذا أمر أصاب المنبطحين في الأمة العربية ومعهم تُجار الأوطان بصدمة عنيفة، جعلت سيدهم دونالد ترامب يستغرب من صلابة موقف عبدالله الثاني الذي لم ولن يلين، حتى بتنا نشعر أنه لو عُرضت عليه الدنيا مقابل القدس سيرد بطريقة جدة الأعظم نبي هذه الأمة وسيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكأني أستمع لرد عبدالله ملك القلوب وهو يقول لترامب وعصبته :” لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أتنازل عن القدس ما تنازلت”.
والغريب أن من اغتال عبدالله الأول شاب لا يعرف بالسياسة، ولكنه كان يستمع لحديث منقوص من أشخاص غير مؤهلين فكان أداة القتل قبل مسدسه، واليوم نشهد هجوم الجهلاء على سيد العقلاء وسط حصار جنوني على الأردن، وبالذات منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة واختياره للطفل اليهودي المدلل كوشنير ليكون مستشاره، ليقوم الأخير بمحاولات مجنونه ومتواصلة لمنح القدس للصهاينة عبر صفقة القرن التي قبل بها تُجار العروبة، فيما وقف سيد العرب الشريف الهاشمي ابن الشريف في وجه صفقة الذل والعار ورفضها جملةً وتفصيلا، وأخبر الأمريكيين بأنه “لا يمكن لأحد أن يضغط على الاردن في قضية القدس” لتسقط الصفقة، وليسقط بعدها ترامب وكوشنر مما زاد من حقدهم ومعهم الصهيوني العنصري نتنياهو على الملك عبدالله صانع الفتح بمنعهم من تمرير أسوء مشروع في تاريخ القضية الفلسطينية.
وأصبح واضحا أن الملك عبدالله الثاني بن الحسين سيكون أكثر صلابة في قضية القدس وسيدافع عن الأردن ببسالة رافضاً مسألة الوطن البديل، ومتمسكاً بحل الدولتين كحل نهائي للقضية الفلسطينية ليجد من خلفه شعبين عظيمين يؤيدانه في الحل النهائي رافضين أي حلول أخرى، فالملك الهاشمي يستقرأ نبض الشارع ويعرف مصلحة الأمة ويدرك أن القدس أمانة ولن يخون الأمانة، لذا فإن الشعبين أصحاب الهيبة في تاريخ الأمة العربية الأردني القومي العربي والفلسطيني الصامد في وجه الصهيونية يستأمنان عبدالله الثاني على قدس الأقداس ومعه الحسين حفيد الحسين، لتتنقل أمانة القدس من عبدالله للحسين إلى عبدالله والحسين.