هل بدأ الإنقراض البشري السادس؟* صالح الراشد

النشرة الدولية –

تواصلت موجات الإنقراض البشري على الكرة الأرضية، والتي لم تتسبب في اختفاء البشرية بل بتقليص عددها حتى تتناسب مع متطلبات الحياة ، وحتى يستطيع الإنسان أن يتواصل عليها كون الإزدحام البشري سيؤدي في نهاية الأمر إلى حروب كارثية على الماء والطعام والطاقة، وعندها تصبح الجريمة التي يُطلق عليها السياسيون والعسكريون “حروب” هي الحل الأوحد، لكن الطبيعة أيضاً تدافع عن نفسها وتخلص نفسها من الحمل الزائد حتى تصبح قادرة على الإحتمال، مما أدى إلى الإنقراض عديد المرات حتى تعود فيها الحياة من جديد.

وحدث هذا الأمر خمس مرات منذ نشوء الكرة الأرضية قبل ملايين السنين، وكانت البداية بالإنقراض الأوردوفيشي – السيلوري (نهاية العصر الأوردوفيشي) ثم الإنقراض الديفوني المتأخر وتلاه الإنقراض البرمي فالإنقراض الترياسي – الجوراسي (نهاية الترياسي) وأخيراً ما أطلق عليه إنقراض العصر الطباشيري – الباليوجين، وفي جميع هذه الإنقراضات كان عدد البشر الذين ماتوا لا يتجاوز ربع السكان، فيما الموت الأكبر كان من نصيب الحيوانات التي اختفى الكثير منها كونها المتسببة في إستهلاك مُنتوجات الأرض، وكان آخر هذه الإنقراضات حسب الدراسات قبل أكثر من ستين مليون عام، وكانت تستمر هذه المراحل لسنوات طويلة ولا تحدث فجأة كما يتوقع البعض.

وهذا يعني أن البشرية لا يمكن أن تختفي بين ليلة وضحاها مهما بلغت قوة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها القوى العسكرية الكبرى، بل ستختفي على فترات متباعدة بسبب العبث بالطبيعة وآخرها وأخطرها العبث بالغلاف الجوي والذي قد يتسبب في زيادة كبيرة في درجات الحرارة، وبالتالي تتزايد الحرائق وتفقد الأرض مصنع الأكسجين فيها ويصبح الصراع على التنفس قبل الطعام، وهذا يعني أن على العالم أن يتجه صوب التكنولوجيا النظيفة قبل أن يتسخ العالم بالجثث التي ستفوق قتلى طوفان الأرض الكبير زمن نبي الله نوح.

وتوالت الأوبئة في القرن الأخير إما بفعل الطبيعة أو بقوة الغباء البشري للسيطرة على الأرض والإنسان وتسببت في قتل الكثير من السكان، لكن معرفة الإنسان وسرعة تطور مستواه الفكري جعلته يتغلب على العديد من الأوبئة الكارثية من طاعون وكوليرا وإنلفونزا إسبانية وإيبولا وسارس وإنلفونزا الطيور والخنازير وجنون البقر، وبالتالي يملك الفكر البشري القدرة على مواجهة كورونا بذات الصلابة والمعرفة، ورغم هذه المعرفة إلا أن كل وباء كان له نصيب من أرواح البشر للتأخر في إيجاد ووصول اللقاحات لسكان الأرض، ورغم ذلك تواصل عدد سكان الكرة الأرضية في تزايد مستمر بسبب زيادة الإهتمام الطبي ليرتفع معدل عمر الإنسان، وفقدت الكرة الارضية جراء  الأوبئة والحروب خلال قرن من الزمن حوالي نصف مليار إنسان عدا الذين قضوا في الأمراض والحوادث.

اليوم وصل عدد سكان الكرة الأرضية إلى حوالي ثمانية مليار إنسان، مع العلم أن العدد كان قبل مئة عام حوالي ملياري إنسان، وهذا يُشير إلى أن الكرة الأرضية بعد ربع قرن لن تكون قادرة على استيعاب السكان ويصبح الأمر أصعب بعد نصف قرن حيث يتوقع أن يصل عدد سكان الأرض لأكثر من أحد عشر مليار إنسان، وهؤلاء يحتاجون للغذاء والدواء والمسكن، فهل سيكون هناك متسع في الكوكب الأزرق أم أن وباء جديد سيظهر ويضرب الكرة الأرضية في مقتل أو تنشب حرب عالمية غبية تساهم في إبادة نصف السكان أو أكثر، فهل نعيش حالياً في عصر الإنقراض السادس أم على البشرية الإنتظار نهاية القرن الحادي والعشرين للبدء في الإنقراض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى