قررت أن أغير المشهد* ريم قمري
النشرة الدولية –
بالأمس كان هنا
يشبه ذكرياتي عنه
لم يكن حقيقيا كما رسمته في خيالي
بدأت ملامحه تتسرب من شقوق ذاكرتي
لكني عرفته من مشيته
كان يتحرك داخل غرفتي
يستعمل أثاثي
حتى انه غيٌر مكان الكرسي الهزاز
احتل مكتبي و جلس يكتب
كنت أعاتبه على الغياب
اكرر أني لا أريده في بيتي، غرفتي ، عالمي
كان يتحرك في صمت داخل مساحة الظل
يخفي وجهه عني
يعطيني ظهره
لم أكن أرغب في حضوره
لكني عجزت عن طرده
يعج رأسي بأفكار كثيرة
أغلبها لا منطقية تشبه رقص البهلوانات
حبل رفيع جدا أمشي عليه
أتعثر ، أسقط ، أنهض
يحدث كل هذا في الواقع
ايضا داخل كابوس ليلي متكرر
يبدأ بالأبيض والأسود
ينتهي بالألوان
ألوان فاقعة و وقحة جدا
تحول الصباح الى مهرجان بائس يفوح برائحة الماضي
لكنه أمس كان هنا و ازعجني حضوره
كان اقتحاما لم أرتب دفاعتي لمواجهته
كنت أدور حوله و أتجنب لمسه
لا اريد التورط في رائحته
و صوته
فوق الجسر كنت وحدي
أجر جسدي الثقيل
أحاول إنقاذه من التداعي
مغنطيس قوي يجذبني نحو السقوط
تعلق رجلي اليسرى اولا
ثم اليمنى في حفرة ضيقة
شيء ما يسحبني بقوة نحو الأسفل
إنه نهر أسود عظيم يشبه نهر النيل
و انا التى لا تخاف شيئا قدر خوفها الأنهار
احرك شفتيٌ همسا
كنت اردد اغنية لا أذكر تفاصيلها
لكني اعرف انها أغنية عراقية
لماذا تذكرتها و انا اتدحرج ، انحني ، أقع ، أنسحب
“على جسر بغداد كنا عشرة واحد حبيب الروح و التسعة..”
تضيع بقية الكلمات
تغيب الرؤية
أوشك على الاندثار
لكن شيخا موشحا يالبياض
من العدم انبثق
جرني في عتمة الغروب
التقطني
مضى يحملني
الشيخ، النهر المخيف و الجسر القديم
رؤية، منام ، كابوس
أم أن ظله في غرفتي
هو من صنع كل هذا الألم
من أنا ، شخوص متداخلة
ذات متوحدة مع خيالها
تركت بطلة روايتي معلقة في أحد أزقة العاصمة تونس
كلما نزلت الى شارع بورقيبة طاردني طيفها مثل ظلي
تعبت منها و من حكايتها التى لا تنتهي
تتقاطع خطواتنا كثيرا في الآونة الأخيرة
إنها تكبلني
لا أكاد افصل بين عالمي و عواملها المتشظية
هو أيضا حكاياته تقتحم يومي
تسيج روحي
تخنق مناماتي
تعبت من أثره في دمي
لماذا تركت الشيخ يسحبني من الجسر نحو الحياة
مللت في كل مرة من إعادة كتابة فصول إضافية في حياتي
فصول تفوح منها رائحة جثث الماضي
تقفز مثل سلاحف النينجا في كل إتجاه
قررت ان أغير المشهد كما يغير شاعر بناء قصيدته
اقتربت من الكرسي الهزاز
دفعته بكل قوة
هززته بعنف
أردته ان يسقط عن كاهل قلبي
في المرآة المقابلة كنت أراني جالسة على الكرسي وحدي
اتحرك للأمام ثم للخلف بإيقاع رتيب
كنت أفكر فيه و أكتب القصيدة من داخل الكابوس.