هل يحرر بايدن كوبا من قيودها الكاستروية؟* حمزة عليان

النشرة الدولية –

إنتهت حقبة “الكاستروية” في #كوبا، باستقالة راؤول كاسترو من رئاسة الحزب ورئاسة الدولة لتدخل البلاد في حقبة جديدة يتسلمها “جيل أصغر” مشحون “بالروح المناهضة للإمبريالية كما هي في الثقافة العامة للدولة”.

 

قد يكون صحيحاً انتهاء المرحلة الكاستروية منذ تسلم فيديل كاسترو الحكم بعد طرد وسحق نظام باتيستا عام 1959، لكن الفكر الكاستروي لن ينتهي وسيستمر على يد أجيال ولدت بعد الثورة.

 

التغيير سيلحق بكوبا لكن ببطء شديد، نظراً للحصار المفروض عليها من أميركا طيلة ستين عاماً، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة وعلى خلفية تداعيات وباء كورونا، الذي حرم البلاد من أهم مورد مالي لها وهو السياحة، فبعدما كان يدخل إليها نحو 7 ملايين سائح، تناقص العدد إلى مليون تقريباً، وهو ما انعكس على موارد الدولة بشكل كبير.

 

صحيح أن كوبا لا زال لديها 30 موقعاً في العالم تتواجد فيه فرق من “الجيش الأبيض” وبما فيها دول الخليج، مثل قطر والكويت والسعودية، لكن الأموال المتحصلة من هذه الجيوش تبقى محدودة نظراً لقسمتها بين الأطباء الذين يحصلون على 20 في المائة من المبلغ والباقي يذهب إلى خزينة الدولة.

 

وبالرغم من المستوى المتقدم الذي بلغته المنظومة الصحية في كوبا وتأهيلها لكوادر طبية متقدمة، بقيت أفضل دول أميركا اللاتينية من حيث عدد الإصابات والوفيات نسبة لعدد السكان (معدل 5 وفيات باليوم وألف إصابة من إجمالي 11 مليون نسمة). بل سجلت هذه الأيام اكتشافاً جديداً بلقاح أسمته “عبدالله” نسبة إلى قصيدة الشاعر خوسيه مارتيه، والمعروف بأبي الاستقلال ضد الاستعمار الإسباني، والقصيدة كانت بعنوان “عبدالله”. وهذا الشاعر المحبوب هو الوحيد الذي تقام له تماثيل في كوبا بينما فيديل كاسترو ليس له تمثال واحد.

إلى أين ستتجه كوبا بعد هذا التغيير؟ وكيف ستتعامل معها الإدارة الأميركية في ظل حكم #جو بايدن؟

 

سيكون هناك توجه أكبر بالاعتماد على القطاع الخاص وإعطائه مساحة من الحركة ورفع القيود عنه للدفع بالمساهمة في تعزيز الحالة الاقتصادية على ضوء البدء بإصلاحات مالية أقدمت عليها الدولة، من بينها إلغاء العملة المزدوجة وتقليل تقديم بعض المنتجات مجاناً للمواطنين ورفع الرواتب، بهدف زيادة الإنتاجية في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة بدعم المواطنين بالأرز والحليب والفاصوليا والسكر والدجاج والكهرباء.

 

قد تفتح إدارة بايدن حواراً مع كوبا، إنما في أضيق الحدود، فكوبا لازالت تحكم بفكر كاستروي يقوم على رفض تقديم أي تنازلات “للإمبريالية الأميركية”.

 

قد ترسم العلاقة آفاقاً جديدة بين هافانا وواشنطن لا سيما بعد وعد من الرئيس بايدن باستئناف العلاقات الدبلوماسية التي قطعها سلفه ترامب وأدرجها الأخير على لائحة الدول الراعية للإرهاب، بل وتعهد الرئيس الديمقراطي في حملته الانتخابية برفع العقوبات المفروضة عليها إذا تسلم سدة الرئاسة، علماً أن العقوبات التي فرضت على هافانا في عهد ترامب فقط كلفتها نحو 20 مليار دولار. فالأذى الاقتصادي والضرر الذي لحق بها كان كبيراً وهائلاً.

 

هناك رغبة واضحة لدى القيادة السياسية الحاكمة في كوبا بأن تجري “حوارات محترمة” لن تتحول فيها أميركا إلى حليف لها، بل يمكنها التوقف عن كونها “جارة معادية” كما وصفتها عريضة تقدمت بها مائة شخصية كوبية إلى إدارة بايدن فور انتخابه.

 

لم يعد أمام كوبا خيارات بديلة عن الإقدام على خطوات ملموسة تجاه بناء علاقة جديدة مع أميركا. فهذه الجزيرة التي لا تبعد أكثر من نصف ساعة بالطائرة من ميامي إلى مطار هافانا، محكومة بالتصالح مع نفسها ومع جارها الأوحد والمؤثر والفاعل، في سبيل إنهاء عزلتها الدولية والتي كسرتها هافانا أثناء أزمة “كوفيد – 19” وظهرت فيها “بثوب أبيض ” لم تعتد عليه دول الغرب والعالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button