الاحتكام للدستور* أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

مع الأحداث الأخيرة لمجلس الأمة، وكل ما صاحبها من سباب وشتائم وتشكيك وسقوط مدوٍّ لقيم النقاش والعمل البرلماني الحق.. تذكرت لقاء سابقاً للعم أبو عدنان، الراحل عبدالحسين عبدالرضا.. قال فيه: احنا مو كفو ديموقراطية، الديموقراطية تبي أهلها.

مناظر مزعجة، حوارات ركيكة، وغياب تام لأي إنجاز تشريعي فعلي من قبل النواب. بالمقابل، تجاوزات دستورية من قبل السلطة التنفيذية وتعطيل لآلية الرقابة الشعبية.. في محاولة من الطرفين للكسب في معركة أشبه بمعركة «كسر العظم» والخاسر خلالها المواطن الكويتي.

اقتصادنا ينهار، فبالأمس القريب قال صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد الكويتي شهد انكماشاً بلغ %8، إلا أن هذا الخبر لم يحرّك ساكناً لدى النواب الذين اخترناهم «ليذودوا عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله»، بقدر ما تحركهم «شتيمة»! في المقابل الحكومة تدخل البرلمان، بصورة ضوئية أسمته «برنامج عمل الحكومة»، بلا أي خطط واضحة لتنفيذه! وبلا أن يكلف الوزراء أنفسهم على الأقل ليخرجوا لنا ويشرحوا خططهم المرحلية لتنفيذ هذا البرنامج كل في مجاله وقطاعاته!

شح السيولة واضح، وليس سراً أننا نعاني أزمة في توفير السيولة المالية، حيث بدا ذلك جلياً في أمرين، الأول ما تردد عن عدم تمكن بعض الجهات والوزارات من سداد مستحقات موظفيها من مكافآت أعمال ممتازة وخلافها، والثاني بعدم توافر اعتماد إضافي لمكافآت الصفوف الأمامية، إلا أن المضحك المبكي، أن المجلس ذاته والحكومة ذاتها اللذين يعرفان تماماً أننا في مأزق توفير سيولة، يقران تأجيل الأقساط 6 أشهر! بتكلفة تفوق 360 مليون دينار، بينما قد تكون الحكومة عاجزة عن سداد رواتب المواطنين في الصيف، وكأننا وقعنا بين يدي برلمان وحكومة لا يعرفان للتدبير طريقاً، ليكون همهما «منو سب الثاني أول»!

الدول المجاورة من حولنا تتطور، تتقدم، تنوع اقتصادها، تقر حزماً اقتصادية للنهوض بعد أزمة كورونا، بل بعضها نهض بالفعل، ونحن لا زلنا «نتداحر» على ثانويات في مجلس الأمة، ورغم إيماننا التام بأن الديموقراطية التي نملكها، والدستور الذي ينظم العلاقات بين السلطات في البلاد، هما حصننا الحصين وهما ما جعلا الكويت «درة» وسيحافظان عليها، فإننا نطالب بأن يحتكم الجميع من جديد للدستور، الذي نص على فصل السلطات وتعاونها.. لا تناحرها، وعلى الأطراف جميعها أن تستند لصوت العقل، وتلتفت للمصلحة العامة.. ونتدارك قبل أن تصبح «ديموقراطيتنا مطنزة» كما قال العم بوعدنان في اللقاء ذاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى